الحمد لله.
تضييع الصلوات عن وقتها أمر عظيم ، وقد توعدَّ الله تعالى على ذلك بوعيد شديد فقال : ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ) مريم/59 .
ومعنى ( غَيّاً ) :
قال ابن عباس رضي الله عنهما : خسرانا ، وقال قتادة : شرّاً ، وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : واد في جهنم بعيد القعر خبيث الطعم .
انظر " تفسير ابن كثير " ( 3 / 172 ) .
وقيل لابن مسعود رضي الله عنه : إن الله تعالى يكثر من ذكر الصلاة في القرآن : ( الذين هم على صلاتهم دائمون ) ، و ( الذين هم على صلاتهم يحافظون ) ، و ( ويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون ) ؛ قال : ذلك – أي : ذلك الوعيد - على مواقيتها ؛ قالوا : ما كنا نرى يا أبا عبد الرحمن إلا على تركها ؟ قال : تركها كفر .
" تعظيم قدر الصلاة " للمروزي ( 2 / 5 ) وقال محققه سنده حسن .
وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم النوم عن الصلاة المكتوبة ضمن الأسباب التي يعذب بها الإنسان في قبره ، وانظر جواب السؤال رقم (46068) لتقف على هول هذا العذاب وشدته ، نسأل الله تعالى العافية .
وإليك هذه الموعظة من هذا الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، يتكلم في كلمات معدودات عن حكم صلاة الجماعة ، وحال تاركها ، وأجر الذاهب إليها ، وحال من علت همته وهو معذور ليذهب للجماعة وليقام في الصف .
قَالَ : ( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ ، فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَنَ الْهُدَى ، وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى ، وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ ]هذا يقوله فيمن صلى الصلاة في وقتها ، غير أنه ترك الجماعة في المسجد ، وصلاها في بيته ، فكيف يكون حال من تركها حتى خرج وقتها بالكلية ! [ ، ثم قال : وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ إِلا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً ، وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً ، وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً ، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ ) رواه مسلم ( 654 ) .
ولا يليق بالمسلم أن لا يعرف الصيام إلا في شهر رمضان ، فإن في العام أياماً فاضلة استحب فيها الصيام كيوم عرفة ، وعاشوراء ، وفي كل أسبوع يستحب صيام الاثنين والخميس ، وفي كل شهر يستحب صيام ثلاثة أيام منه ، فلو أنك عوَّدت نفسك على الصيام طيلة العام لم تره حملاً ثقيلاً يجعلك تنام النهار كلَّه وتضيع الصلوات .
ويجب عليك أن تأخذ بالأسباب التي توقظك للصلاة ، ولا يجوز لك تعمد ترك الصلاة بعذر النوم وأنت تستطيع الاستيقاظ في أوقات الصلوات .
وينبغي أن تنظر في سبب تعبك في الصيام ، فإن كان تعبك بسبب العمل : فعليك أن توازن بين العمل والصيام ، وإذا لم تكن مضطرا للعمل ، ولم تستطع القيام بالصيام والصلاة وسائر العبادات مع العمل ، فإنك تأخذ إجازة من العمل خلال شهر الصيام . وانظر جواب السؤال رقم (65803) , (43772) ، وإن كان بسبب السهر : فيحرم عليك هذا السهر الذي يسبب لك ترك الصلوات حتى يخرج وقتها .
ويجب عليك أن توصي من حولك من أهلك وزوجتك وأولادك بأن يوقظوك للصلاة ، ويجب عليهم أن يعينوك على طاعة الله تعالى وأداء الصلوات في أوقاتها .
وإن كنتَ أخذت بالأسباب ولم تستيقظ لتعب شديد أو مرض فخرج وقتان للصلاة فإنك تقضي ما فاتك من الصلاة بترتيبها المعهود فتصلي الظهر ثم العصر..... وهكذا إلا أن تخشى خروج وقت الثانية فإنك تبدأ بها ، فلو استيقظت قبل غروب الشمس ولم تكن صليت الظهر والعصر ، وضاق وقت العصر حتى كادت الشمس تغيب فابدأ بالعصر ، ثم صلِّ الظهر بعدها ، فالمغرب .
ونسأل الله تعالى أن يعينك على طاعته وحسن عبادته ، وأن يعلي همتك في الخير .
ونرجو منك النظر في جواب السؤالين ( 38158 ) و ( 47123 ) .
والله أعلم.