طلقها قبل الدخول وتفكر في الرجوع إليه
كنت مخطوبة لما يزيد عن العام تقريبا وعملنا عقد النكاح الإسلامي. وقد تم الاتفاق بين جميع الأطراف عند التوقيع على العقد أن العلاقة ستكون خطبة وأننا سنقيم حفل الزواج في نهاية العام بعد أن أكون قد أكملت دراستي. لكن، وخلال فترة الخطوبة، ظهر شيء من سوء الفهم بين خطيبي وعائلتي. والداي عارضا رؤيتي له وشعرا أنه لا يناسبني. وأنا أقر بأنه كان في بعض الأحيان لا يحترم الآخرين وغير ناضج، لكني مع ذلك أحببته وكنت أختلق أعذارا لتصرفاته. المذكور كان يعيش في مدينة غير التي أعيش فيها، ولذلك فقد كانت علاقتنا علاقة عن بعد، وبدأ سوء الفهم في التراكم شيئا فشيئا. فأخذ يطالبني بأن أنتقل لأعيش معه على الفور وإلا فإنه سيطلقني. فأخبرته بأننا اتفقنا أن نقيم احتفال العرس أولا، فقال إنه يمكننا إقامته لاحقا، لكن في الوقت الراهن فإني زوجته وعلي أن أعيش معه. كان الأمر صعبا علي جدا حيث وجدت نفسي مضطرة للاختيار بين عائلتي وخطيبي. أنا لم أكن أراه كزوج حتى ذلك الوقت وكان الأمر مشكلا ومخيبا للآمال. وأخبرته أني لن أضحي بأهلي. ولذلك فقد أنهى علاقتنا وبعث برسالة إلى إمامنا قائلا إنه طلقني. لقد مضى على إنهاء العلاقة خمسة أشهر تقريبا، لكني رأيته مؤخرا وأصبت بالكآبة مدة تزيد على الأسبوع. أنا أشعر جدا بالذنب لأني لم أستمع له وأسأل إن كان ينبغي علينا حسب الشريعة الإسلامية أن نتصالح، وما إن كان علي أن أرجع إليه. أنا أخاف أني لن أتمكن أبدا من أن أحب غيره مرة أخرى، وأنه سيكون دائما في مخيلتي. أعلم أننا قد لا نكون مناسبين لبعضنا، لكننا في الوقت نفسه نعرف بعضنا جيدا، وأخذت علاقتنا تصبح حميمة وقوية. أنا لا أعرف حقا كيف أتصرف. فوالداي يعارضان (علاقتنا) تماما وأعلم أن لموقفهما أسبابا وجيهة، لكني مع ذلك لا أزال أميل إليه وأريد أن أعود إليه مرة أخرى. وإذا لم يكن من المناسب أن نعيد إقامة هذه العلاقة، فهل يمكنني عمل أي شيء فيما يتعلق بما ذكر أعلاه؟
الجواب
الحمد لله.
أولا :
إذا تم عقد النكاح فقد صارت المخطوبة زوجة لخاطبها ، لكن لا يلزمها الانتقال إليه
إذا كانت اشترطت تأخير الدخول إلى وقت معين ووافق على ذلك الشرط ؛ لقولهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ) رواه
الترمذي (1352) وأبو داود (3594) وصححه الألباني في صحيح الترمذي ،
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا
اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ ) رواه البخاري (2721)ومسلم (1418) من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه.
وعليه ؛ فلا إثم عليك في عدم ذهابك إليه ، وقد أخطأ هو بطلبك قبل نهاية السنة التي
اتفقتم عليها ، وأخطأ بمحاولته التأثير عليك لتخالفي والديك ، وبتسرعه في الطلاق ،
وهذا يدل على عدم نضجه ، فلو كان حريصا عليك لانتظر بقية السنة ، وما أسرع انقضاءها
.
ثانيا :
إذا طلق الرجل امرأته قبل الدخول بانت منه بمجرد الطلاق ، فلا رجعة له عليها ، ولا
عدة عليها ، ولكن لا حرج عليه أن يتقدم إليها مرة أخرى ويتزوجها إن رضيت هي ووافق
وليها ، بعقد جديد ومهر جديد .
ثالثا :
إذا كان أهلك لا يريان فيه الشخص المناسب لك ، فإنه ينبغي لك أن تطيعي أهلك ، خاصة
وأنت تقرين بأن لهم أسبابا وجيهة في اتخاذهم هذا الموقف . وأما كونك تعلقت به ،
فهذا أمر طبيعي يقع بين المرأة وزوجها ، وإذا أبدلك الله زوجا آخر فستحبينه إن شاء
الله . والزواج حياة ممتدة ، لا تُبنى على العاطفة وحدها ، ولهذا كان من حكمة
الشريعة أنها اشترطت موافقة ولي المرأة ؛ لأن المرأة ضعيفة تغلبها العاطفة ، فقد
تتنازل عن حقوقها ، وقد ترضى بمن أُعجبت به ولو كان غير مناسب لها . فكوني مع رغبة
والديك فإنهما أبعد منك نظرا ورأيا ، ولا تضغطي عليهما للموافقة على هذا الرجل في
حال تقدمه لك مرة أخرى .
رابعا :
لا يخفى عليك أنه يشترط لصحة النكاح موافقة ولي المرأة ، فلن يصح لك الزواج من هذا
الرجل مرة أخرى إلا بموافقة والدك ، كما أنك الآن أجنبية عن هذا الرجل تماما ، فلا
مجال لإقامة علاقة معه ؛ لأنك لم تعودي زوجة له الآن .
وينبغي أن تنشغلي بما ينفعك ، وأن لا تفكري فيما مضى ، حتى يرزقك الله الزوج الصالح
، وألا تقدمي على الزواج من أحد إلا بعد السؤال عنه ، والاطمئنان على دينه وخلقه ،
وأن يكون لك فيما مضى درس وعبرة ، وأن تحمدي الله أن تعرفت على عيوب هذا الزوج قبل
الدخول والانتقال إليه .
نسأل الله لك التوفيق والسداد .
والله أعلم .