تقوم بعض المحلات بإجراء تخفيضات على السلع كنوع من الدعاية التجارية وجذب الزبائن ، فهل يجوز لي كصاحب محل أن أفعل ذلك ؟ وما حكم الشراء من المحلات أثناء فترة التخفيضات ؟ .
الحمد لله.
قال أكثر أهل العلم بجواز بيع السلع والخدمات بأقل من سعر مثلها .
وهذا مذهب الحنفية وقول ابن رشد من المالكية والشافعية والحنابلة ، وابن حزم من الظاهرية .
وأدلة هذا القول :
أولاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم عدّ التدخل في تحديد الأسعار نوعاً من الظلم الذي يجب الامتناع منه فقال صلى الله عليه وسلم : ( إن الله هو القابض الباسط المسعّر ، وإني لأرجو أن ألقى الله ولا يطالبني أحد بمظلمة ظلمتها إياه في دم ولا مال ) رواه الأمام أحمد في المسند ( 3/165) ، ( 286 ) والترمذي في كتاب البيوع رقم (1314) ( 3/597) ، وابن ماجه رقم 2200 ( 2/741) كلهم من حديث أنس رضي الله عنه .
ثانياً : أن الشريعة ندبت إلى السماحة والسهولة في البيع والشراء وسائر المعاملات ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع وإذا اشترى ، وإذا اقتضى ) رواه البخاري رقم 2076 (2/81) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما . ولا شك أن البيع بأقل من ثمن المثل داخل في ذلك ، قال ابن رشد فيمن باع بأرخص مما يبيع أهل السوق : ( بل يشكر على ذلك عن فعله لوجوه الناس ويؤجر إذا فعله لوجه الله ) البيان والتحصيل (9/306) .
ثالثاً : أن أثمان السلع والخدمات ، وأسعارها حق لأربابها ، فلا يحجر عليهما فيها ، ولا يتعرض لهم في تقديرها . ينظر تبين الحقائق (6/28) ، المغني (6/312) .
وقد قال بعض العلماء بأنه لا يجوز بيع السلع والخدمات بأقل من سعر مثلها ، وهذا مذهب المالكية .
والراجح هو القول بجواز البيع بأقل من سعر السوق لقوة الأدلة الدالة على ذلك ، ولأن المبايعات والمعاوضات مبناها على التراضي كما قال تعالى : ( إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ) النساء /29 فإذا رضي البائع أن يبيع سلعته أو خدمته بثمن دون السعر السائد ، فلا وجه لمنعه من ذلك ، كما أن الأصل في البيوع الحِل ، قال الله تعالى : ( وأحل الله البيع ) البقرة/275 فلا يمنع منها شيء إلا بدليل يعتمد عليه ولكن إن رأى ولي الأمر أن مصلحة الناس لا تتم إلا بمنعهم من البيع بدون سعر المثل لما في ترك ذلك من المفاسد ، فإن ذلك جائز لا حرج فيه لأن المقصود هو إصلاح معاش الناس واستقامة أمرهم ، فإذا كان ذلك لا يتحقق إلا بمنعهم من البيع بأقل من السعر السائد كان ذلك جائزاً ، بل قد يكون واجباً والله أعلم .