عقد عليها وتغير حالها فهل يطلقها ؟
عقدت قراني على إحدى قريباتي منذ ستة شهور ، مع العلم أني أعمل في دولة أخرى ، حيث تمت فترة الخطبة وحتى العقد وأنا في السفر ، منذ أن تم العقد وزوجتي اختلفتْ كثيراً وأصبحتْ متشائمة جدّاً ، وتُردد أنها لا تحس بالسعادة معي ، ولا تتوقعها في المستقبل لذا فهي تطلب الطلاق ، فهل يجوز لي تطليقها - مع العلم أنها أصبحت تعاندني في أمور هامة بالنسبة لي مثل الحجاب الشرعي الكامل ، وعملها في مكان مختلط ، وأنا أحب أن أحافظ على ديني - ؟ .
الجواب
الحمد لله.
الأصل في الطلاق الكراهة ؛ لما يحصل به من تقطع أواصر المصاهرة ، وتشتيت الأسرة ،
وضياع الأولاد .
قال شيخُ الإسلامِ ابنِ تيمية - رحمه الله - :
الأصلُ في الطلاقِ الحظرُ ، وإنما أبيحَ منه قدرَ الحاجةِ .
" مجموع الفتاوى " ( 33 / 81 ) .
وقال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله
- :
الأصل في الطلاق الكراهة ، والدليل : قوله تعالى في الذين ( يُؤْلُونَ مِنْ
نِسَائِهِم ) أي : يحلفون ألا يجامعوا مدة أربعة أشهر ( فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ
اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ . وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ
عَلِيمٌ ) وهذا فيه شيء من التهديد ، لكن في الفيء ، أي : الرجوع ، قال : ( فَإِنَّ
اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) فدل هذا على أن الطلاق غير محبوب إلى الله عز وجل ، وأن
الأصل فيه الكراهة ، وهو كذلك .
" الشرح الممتع " ( 10 / 428 ) .
ولكن لما كانت طباع الناس وأخلاقهم
ودينهم يتفاوت ويختلف من شخص لآخر ، كان لا بدَّ من تشريع الطلاق
، فقد تتأذى المرأة ببقائها مع زوجها لقلة دينه أو سوء خلقه أو غلظ طباعه ، كما قد
يتأذى الرجل ببقاء زوجته معه لعدم صلاحيتها لتربية أولاده ، أو عدم إعطائه حقه من
العشرة بالمعروف ، ومن هنا كان تشريع الطلاق موافقاً للحكمة وموافقاً لطبيعة
الخِلقة .
وقد يكون لكلا الزوجين خير ومصلحة في الطلاق ، كما قال
تعالى : ( وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ
اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا ) النساء/130
، لذا فليس الطلاق نهاية الدنيا ،
ويمكن أن يكون الطلاق الوسيلة الناجعة لما بين الزوجين من تنافر في الطباع ، وعدم
توافق في السلوك والأخلاق والأفعال .
وعليه : فالذي ننصحك به هو توسيط العقلاء من أهلك وأهلها لإقناعها بضرورة تغيير
سلوكها وتصرفاتها معك ، وأن تعاهدك على السير على الطريق المستقيم في حياتكما
الزوجية من غير اعوجاج ولا انحراف ، وإخبارها بأنه بمثل هذا يمكنك الاستمرار معها
للزواج ، فإن استجابت وقبلت هذا فالحمد لله ، ولعل الله أن يؤدم بينكما ، ويجمع
بينكما على خير ، وننصحك بأن تتريث فترة قبل إتمام الزواج ، لترى مدى رغبتها في
الاستقامة في الحياة معك ، ثم مدى قدرتها ـ بالفعل ـ على تنفيذ ذلك .
وإن لم تقبل فالذي نراه أن تطلقها ، وطلاقها الآن خير لك ولها من طلاقها بعد الدخول
، أو بعد الإنجاب .
ولو فعلتَ هذا وحصل الطلاق فليس عليك إثم ؛ لأن الطلاق في حقك هنا يكون واجباً أو
مستحبّاً وخاصة إذا أصرَّت على عملها المختلط ، وهو أمرٌ محرَّم لا ينبغي لك
التفاوض عليه ، بل يجب إلزامها بالخروج منه ، ولو أصرَّت فيكفي هذا الأمر لتطليقها
، فكيف إذا انضم إليه ما عندها من أمور أخرى .
والله أعلم