الحمد لله.
أولاً :
حذر الرسول صلى الله عليه وسلم في كثير من أحاديثه الرجال من فتنة النساء ، وعظم أمرهن حتى جعل فتنتهن أشد الفتن وأشد المضرات .
عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء " .
رواه البخاري ( 4808 ) ومسلم ( 2740 ) .
وعن عقبة بن عامر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إياكم والدخول على النساء فقال رجل من الأنصار : يا رسول الله أفرأيت الحمو ؟ قال : الحمو الموت " .
رواه البخاري ( 4934 ) ومسلم ( 2172 ) .
قال ابن حجر - معلقاً على الحديث الأول - :
"وفي الحديث أن الفتنة بالنساء أشد من الفتنة بغيرهن ، ويشهد له قوله تعالى : زين للناس حب الشهوات من النساء ، فجعلهن من حب الشهوات ، وبدأ بهن قبل بقية الأنواع إشارة إلى أنهن الأصل في ذلك ويقع في المشاهدة حب الرجل ولده من امرأته التي هي عنده أكثر من حبه ولده من غيرها ومن أمثلة ذلك قصة النعمان بن بشير في الهبة" .
" فتح الباري " ( 9 / 138 ) .
وقال ابن القيم رحمه الله :
"ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بلية وشر وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا وهو من أسباب الموت العام والطواعين المتصلة .
...
فمن أعظم أسباب الموت العام كثرة الزنا بسبب تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال والمشي بينهم متبرجات متجملات ولو علم أولياء الأمر ما في ذلك من فساد الدنيا والرعية قبل الدين لكانوا أشد شيء منعا لذلك" .
" الطرق الحكمية " ( ص 408 ) .
وهذا الاختلاط لا منفك عن حصول النظر المحرم ،والخضوع بالقول ، ولهذا كانت كلمة أهل العلم قديما وحديثا على تحريمه ومنعه وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم منع من ذلك وابن عمه ورديفه على دابته الفضل بن العباس من النظر إلى امرأة أجنبية وهم يؤدون عبادة من أحب العبادات إلى الله وهي الحج ، وبصحبة الرسول صلى الله عليه وسلم وفي عهد الصحابة الأتقياء الأنقياء : فكيف بنا نسمح لنساء هذا الزمان الذي انتشرت فيه أمراض القلوب وقلَّ الوازع الديني أن تجلس المرأة مع الرجل في مكان واحد مع عدم وجود المحرم وفي كل يوم لساعات طوال تنظر إليه وينظر إليها ؟
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : " كان الفضل رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءت امرأة من خثعم فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر فقالت : يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه قال : نعم وذلك في حجة الوداع " .
رواه البخاري ( 1442 ) ومسلم ( 1334 ) .
يقول ابن عبد البر رحمه الله تعالى - معلقاً على الحديث السابق - :
"وفيه : بيان ما ركب في الآدميين من شهوات النساء وما يخاف من النظر إليهن ، وكان الفضل بن عباس من شبَّان بني هاشم ، بل كان أجمل أهل زمانه فيما ذكروا .
وفيه : دليل على أن الإمام يجب عليه أن يَحول بين الرجال والنساء في التأمل والنظر ، وفي معنى هذا : منع النساء اللواتي لا يؤمن عليهن ومنهن الفتنة من الخروج والمشي في الحواضر والأسواق وحيث ينظرن إلى الرجال ، قال صلى الله عليه وسلم : " ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء " ، وفي قول الله عز وجل قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم الآية ما يكفي لمن تدبر كتاب الله ووفق للعمل به" .
" التمهيد " ( 9 / 123 – 124 ) .
وينظر سؤال رقم (21608) ورقم (50398)
والله أعلم .