العادة عندنا أن القبر يوضع فيه حجر أو الإسمنت أو وتد من قصب في جهة رأس الميت وفي رجله وأحيانا في رأسه فقط , فما حكم الإسلام في ذلك ؟.
الحمد لله.
حرَّم الشرع البناء على القبور ، وأمر بهدم ما بني عليها ، وأجاز وضع علامة على قبر الميت يتعرف من خلالها أهله وأصحابه عليه ، ولا ينبغي أن تكون هذه العلامة بناءً أو شيئاً آخر منع منه الشارع .
1. أما تحريم البناء على القبور فدليله :
عن جابر قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُجَصَّصَ القبر وأن يُقعد عليه وأن يُبنى عليه .
رواه مسلم ( 970 ) .
التجصيص : الطلاء بالجص وهو الكِلس .
قال الشوكاني :
قوله " وأن يُبنى عليه " : فيه دليل على تحريم البناء على القبر .
وفصَّل الشافعي وأصحابه فقالوا : إن كان البناء في ملك الباني فمكروه ، وإن كان في مقبرة مسبلة فحرام . ولا دليل على هذا التفصيل .
وقد قال الشافعي : رأيتُ الأئمة بمكة يأمرون بهدم ما يبنى .
ويدل على الهدم حديث علي المتقدم .
" نيل الأوطار " ( 4 / 132 ) ، وقول الشافعي في " الأم " ( 1 / 277 ) .
وحديث علي رضي الله عنه المشار إليه : هو الآتي في الفقرة التالية .
وأما الأمر بهدم ما بني على القبور ، فقد ثبت ذلك في السنة .
عن أبي الهياج الأسدي قال : قال لي علي بن أبي طالب : ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم " أن لا تدع تمثالا إلا طمستَه ولا قبراً مشرفاً إلا سوَّيتَه .
رواه مسلم ( 969 ) .
قال الشوكاني :
قوله " ولا قبراً مشرفاً إلا سويتَه " فيه : أن السنة أن القبر لا يُرفع رفعاً كثيراً مِن غير فرقٍ بين مَن كان فاضلا ومَن كان غير فاضل .
والظاهر : أن رفع القبور زيادة على القدر المأذون فيه محرم ، وقد صرح بذلك أصحاب أحمد وجماعة من أصحاب الشافعي ومالك .
والقول بأنه غير محظور لوقوعه من السلف والخلف بلا نكير كما قال الإمام يحيى والمهدي في " الغيث " لا يصح لأن غاية ما فيه أنهم سكتوا عن ذلك والسكوت لا يكون دليلا إذا كان في الأمور الظنية وتحريم رفع القبور ظني .
ومِن رفع القبور الداخل تحت الحديث دخولاً أوليّاً : القُبب والمشاهد المعمورة على القبور وأيضا هو من اتخاذ القبور مساجد وقد لعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاعل ذلك .
" نيل الأوطار " ( 4 / 130 ) .
وأما جواز تعليم القبر بشيء مباح ، فقد جاء في السنة ما يبين ذلك .
عن كثير بن زيد المدني عن المطلب قال : لما مات عثمان بن مظعون أخرج بجنازته فدُفن ؛ أَمَر النبي صلى الله عليه وسلم رجلا أن يأتيه بحجَرٍ فلم يستطع حملَه ، فقام إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحسر عن ذراعيه – قال كثير : قال المطلب : قال الذي يخبرني ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : - كأني أنظر إلى بياض ذراعي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حسر عنهما ثم حملها فوضعها عند رأسه ، وقال : أَتَعَلَّمُ بها قبر أخي ، وأدفن إليه من مات من أهلي .
رواه أبو داود ( 3206 ) .
والحديث : حسَّن إسنادَه الحافظ ابن حجر في " التلخيص الحبير " ( 2 / 133 ) .
قال ابن قدامة :
ولا بأس بتعليم القبر بحجر أو خشبة ، قال أحمد : لا بأس أن يعلِّم الرجل القبرَ علامةً يعرفه بها ، وقد علَّم النبي صلى الله عليه وسلم قبرَ عثمان بن مظعون .
" المغني " ( 2 / 191 ) .
والله أعلم .