أنا شاب أغرمت ببنت جارنا ، واستمر لمدة سنتين بدون أن تعلم أو أخبرها أو أخبر أحدا من أهلي ولم أقابلها وكنت أطمح للارتباط بها كزوجة ، ثم حصل لي حادث سير سبب لي إصابات بليغة وحصل لي شبه إعاقة ، كنت مهموما جدا لأن الحلم الذي عشته وهو الارتباط بتلك الفتاة بدأ يتلاشى ، فجأة طلبت أختي أن أصارحها بهمي فحكيت لها ما بداخلي ، فقالت لي أختي : سوف أخبرها بحبك لها وهي بعد ذلك تختار ، وكانت المفاجأة أنها كذلك كانت تحبني ، فبدأت رسائل الحب تتبادل بيننا عن طريق أختي ( رسائل والله في غاية الشرف والعفة ) وبعد سنتين تقدمت وخطبتها وتمت الموافقة ولله الحمد وبعد سنة تزوجنا وعشنا سعداء وخلال هذه المدة والله لم أرها إلا من بعيد ، بحكم أنهم جيراننا وتجمعنا بهم الصدف ، ولم أكلمها قط إلا ليلة الزواج ، فسمعت أنا ارتكبنا بحبنا لبعضنا إثما فهل هذا صحيح ؟ وما هي كفارة هذا الإثم ؟
الحمد لله.
أولا :
نسأل الله تعالى أن يأجرك في مصابك ، وأن يزيد ما بينك وبين أهلك من الألفة والمودة .
ثانيا :
الحب الذي لا يتسبب فيه الإنسان ، لا يلام عليه ، كأن يرى فتاة فجأة ، فيقع حبها في قلبه ، ثم لا يكون منه عمل محرم ، كتكرار نظر ، أو مصافحة ، أو خلوة ، أو كلام عاطفي بينهما.
وأما الحب الذي ينشأ عن تكرار النظر ، أو المخالطة المحرمة ، أو المراسلة ، فهذا يأثم صاحبه ، بقدر ما يرتكب من الحرام في علاقته وحبه .
ثالثا :
لا تجوز المراسلة بين الجنسين ؛ لما في ذلك من إثارة الفتة وحصول الشر غالبا ، فإن مخاطبة الرجل لامرأة أجنبية عبر رسالة لا يطلع عليها غيرهما ، يؤدي إلى مفاسد كثيرة ، وقد حرم الشارع خلوة المرأة برجل غير محرم لما يترتب على ذلك من حصول الفتنة والمكروه ، من تعلق القلب وانبعاث الرغبة في النظر والمس وما وراء ذلك . وهذا كله يحصل غالبا بمخاطبة الرجل للمرأة عبر هذه الرسائل أو المحادثات الخاصة ، لا سيما إذا كانا في سن الشباب والشهوة والرغبة .
وقد سئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله : ما حكم المراسلة بين الشبان والشابات علما بأن هذه المراسلة خالية من الفسق والعشق والغرام؟
فأجاب : " لا يجوز لأي إنسان أن يراسل امرأة أجنبية عنه ؛ لما في ذلك من فتنة ، وقد يظن المراسل أنه ليست هناك فتنة ، ولكن لا يزال به الشيطان حتى يغريه بها ، ويغريها به. وقد أمر صلى الله عليه وسلم من سمع بالدجال أن يبتعد عنه ، وأخبر أن الرجل قد يأتيه وهو مؤمن ولكن لا يزال به الدجال حتى يفتنه.
ففي مراسلة الشبان للشابات فتنة عظيمة وخطر كبير يجب الابتعاد عنها وإن كان السائل يقول: إنه ليس فيها عشق ولا غرام " انتهى ، نقلا عن : فتاوى المرأة ، جمع محمد المسند ، ص 96
والمرأة ممنوعة من الخضوع بالقول مع من لا يحل لها ، كما قال سبحانه : ( فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا ) الأحزاب/32. والرجل يحرم عليه أن يتلذذ بكلام المرأة الأجنبية أو بصوتها .
ثم إن جعل الأخت وسيطا في نقل الرسائل منكر آخر ؛ لما في ذلك من تشجيعها على مثل هذه المراسلات .
وبناء على هذا فالواجب عليكما هو التوبة إلى الله تعالى ، والإكثار من العمل الصالح ، ولا يلزمكما غير ذلك .
والله أعلم .