إذا قال الزوج لزوجته : أنت طالق إذا خرجت ، فأطاعته ولم تخرج إلا بإذنه ، ولكن مرة من المرات نسيت وخرجت دون أن تقول له ، فهل الطلاق يقع أم لا ؟
الحمد لله.
أولا :
من قال لزوجته : أنت طالق إن خرجت ، فإن خرجت ذاكرة مختارة ، وقع الطلاق عند جمهور الفقهاء .
وذهب بعض أهل العلم إلى أن هذا الطلاق المعلق إن أراد صاحبه منعها من الخروج ، ولم يرد الطلاق : أنه يلزمه كفارة يمين في حال خروج الزوجة ،ولا يقع بذلك طلاق .
أما إن قصد الطلاق ، فإنه يقع عند حصول الأمر المعلق عليه ، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وبعض أهل العلم .
ثانيا :
إذا فَعَلَ ما عَلَّق عليه الطلاق ناسيا ، وقع طلاقه عند جمهور الفقهاء ، خلافا للشافعية ، وأحمد في رواية اختارها شيخ الإسلام ، وصوبها المرداوي في "الإنصاف" (9/114).
وكذلك لو علق الطلاق على فعل الغير ، ففعله ناسيا ، كما في الصورة المسئول عنها ، فلا يقع الطلاق عند الشافعية ، وهو الراجح . لكنهم اشترطوا أن يكون هذا الغير ممن يبالي بكلام الزوج ويتحاشى مخالفته ، أما إذا كان لا يبالي بكلامه ، فإن الطلاق يقع مع نسيانه .
قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" (3/301) : " وكذا لا تطلق إن علّق بفعل غيرٍ من زوجةٍ أو غيرها ، وقد قصدَ بذلك منعه أو حثه وهو ممن يبالي بتعليقه فلا يخالفه فيه ، لصداقة أو نحوها ، وعلم بالتعليق ففعله الغير ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً .
وإن لم يقصد منعه أو حثه ، أو كان ممن لا يبالي بتعليقه كالسلطان ، أو لم يعلم به ففعله كذلك [أي : ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً] طلقت لأن الغرض حينئذ مجرد التعليق بالفعل من غير قصد منع أو حث " انتهى بتصرف .
ومثل ذلك قال ابن حجر الهيتمي في "الفتاوى الفقهية الكبرى" (4/178) .
وأفتى الشيخ ابن باز رحمه الله فيمن علق الطلاق على أمر ثم فعله ناسيا ، أنه لا تطلق زوجته " لأن من شرط وقوعه أن يكون متعمدا فعل ما علق عليه الطلاق ، والناسي لم يتعمد شرعا ". "فتاوى الشيخ ابن باز" (22/47) .
تنبيه : على القول بعذر الناسي ، فإن يمين الطلاق أو الطلاق المعلق يظل كما هو ، فإن خرجت الزوجة بدون إذن زوجها ، بلا عذر من نسيان أو إكراه ، وقع الطلاق إن كان قد أراد الطلاق ، فإن لم يكن أراده فعليه كفارة يمين .
والله أعلم .