المشي بالنعال في المسجد

10-07-2000

السؤال 9631


هل صحيح أن الإمام محمد بن عبد الوهاب قد قال إن المشي بالنعال في المسجد أمر مشروع وإن زيارة القبور محرمة ؟ أفيدونا وجزاكم الله خيراً .

الجواب

الحمد لله.

من أين لك هذا ؟ نقول لك إن هذا بهتان عظيم .

فالإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - رجل من أهل العلم ، ولم يقل هذا القول ، بل يحث الناس كما هو موجود في مؤلفاته على أن المصلي عليه أن يقبل على الله ، وأن يخشع في صلاته عملاً بقوله تعالى : ( قد أفلح المؤمنون - الذين هم في صلاتهم خاشعون ) المؤمنون/1-2 ، لأن المصلي ينبغي أن يعظم عظمة من قام بين يديه ، ويتهيأ لحرمته ، فلا يكثر الحركة ، كما في الأثر : ( لو خشع قلبه لخشعت جوارحه ) والبعض يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن الحافظ ابن رجب الحنبلي قال : لم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم هذا القول ولم يصح عنه أنه قال : ( لو خشع قلبه لخشعت جوارحه ) ، وإن كان المعنى صحيحاً ، إنما هذا من قول بعض السلف . فهذا الذي يقوله محمد بن عبد الوهاب .

أما المشي بالنعال في المساجد ويقول أنه مشروع ، فهذا ليس بصحيح ، فلم يقل محمد بن عبد الوهاب إن المشي بالنعال مشروع ، بل يقول كما جاءت به الأحاديث ، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا جاء أحدكم المسجد فلينظر في نعليه ، فإن رأى فيهما أذى أو قذراً فليمسحهما فطهورهما التراب ) ، هذا بالنسبة إلى النعال وبالنسبة إلى المسجد في ذلك الوقت ، أما إذا كانت المساجد مفروشة ومهيأة ، فينبغي أن ينظف المسجد عن النعال ، وألا يدخل بنعليه خشية تقذير المكان وإزالة شيء من الأوساخ المتعلقة بالنعلين ، وقد أشار إلى هذا بعض أهل العلم وهو بعض ما يقوله الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، فإنه لا يقول بمشروعية دخول المسجد بالنعال .

أما بالنسبة إلى أنه يحرم زيارة القبور ، فهذا أبداً لا يقوله ، بل الإمام محمد بن عبد الوهاب يعمل بالأحاديث ، والحديث يقول : ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ، فإنها تذكر الآخرة ) رواه مسلم رقم ( 977 ) ، وكذلك هو يقول - رحمه الله - ينبغي للزائر إذا زار المقبرة أن يتأدب بالآداب الشرعية ، وأن يدعو بما علّم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ، وأنك إذا دخلت المقبرة تقول : ( السلام عليكم دار قوم مؤمنين ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، يرحم الله المستقدمين منكم والمستأخرين ، نسأل الله لنا ولكم العافية ، اللهم لا تحرمنا أجرهم ، ولا تفتنا بعدهم ، واغفر لنا ولهم ) صحيح مسلم رقم ( 974و975 ) .

هذا ما جاءت به الأحاديث ، ومحمد بن عبد الوهاب يقرر هذا في كتبه ، وإنما يقول : لا ينبغي شد الرحال إلى القبور ، فهذا قول ابن عبد الوهاب عملاً بحديث أبي سعيد في الصحيحين وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث مساجد : المسجد الحرام ، ومسجدي هذا ، والمسجد الأقصى ) رواه البخاري 2/50 ، ومسلم ( 827 ) والنسائي ( 1/277-278 ) . قال : هذا الحديث يدل على أنه لا يجوز شد الرحال لزيارة القبور ، أما إذا زرتها مثلاُ في بلدك أو لا تحتاج إلى شد رحل فلا بأس ، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يزور المقابر ، مقابر البقيع ، ويزور قبور الشهداء ويأتيهم ويدعو لهم ، صلوات الله وسلامه عليه ، فهذا أمر معلوم ، وإنما الممنوع هو شد الرحال إلى القبور ، فهذا هو الذي لا ينبغي فعله ، عملاً بحديث أبي سعيد ، ولهذا المعنى ذهب القاضي عياض المالكي فإنه قال : لا يجوز شد الرحال إلى القبور . وكذلك فقد ذهب إليه ابن رجب الحنبلي ، وابن عقيل ، وابن بطة ، وجمع من أهل العلم ، إلا أن الذي قيل لك كله ليس بصحيح كما أوضحنا لك ، والله أعلم .

أحكام المساجد
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب