أسباب تدخل الأم في حياة ابنتها المتزوجة وطريقة علاج ذلك
أنا امرأة متزوجة ، وأمي تتدخل في شؤوني ، وتسبب لي المشاكل مع
زوجي , حيث إنها تذهب وتسأل الطبيب عن حالتي الصحية ، أو أنها تأخذ من المركز الصحي
نتائج فحوصي ، وأحيانا تستمر في سؤالي عن أشياء تخص زوجي ، وهي تعلم أنه لا يحب هذه
الأسئلة ، ولكنها لا تبالي , طبعاً هي تقول إنها تفعل ذلك بحجة الاطمئنان عليَّ
وعلى صحتي ، ولكن أنا وزوجي نرى أن هذا تدخل في حياتنا ، وليس من حقها ، حاولت
التكلم معها مراراً ولكن دون جدوى ، بل إنها تغضب مني ، أنا لا أدري ما أفعل ؛ حيث
إنني لا أريد أن أغضب أمي ولا زوجي .
الجواب
الحمد لله.
إن حقَّ الأم على أولادها حقٌّ عظيم ، وقد أوجب الشرع على أولادها إيفاء هذه الحقوق
، وعُدَّ عقوق الوالدين من كبائر الذنوب .
وينظر تفصيل ما للأم من حقوق ، وما عليها من واجبات في جواب السؤال رقم (
5053 ) .
وينبغي أن تعلم الأم التي زوَّجت ابنتها : أنه لا يجوز لابنتها أن تقدِّم طاعة أمها
على طاعة زوجها ، وأنه ليس لها التدخل في حياة ابنتها بعد
زواجها ، إلا أن يُطلب منها التدخل للإصلاح والوعظ والإرشاد .
وتدخل أم الزوجة في حياة ابنتها المتزوجة له آثار سلبية وآثار إيجابية ، ومن آثاره
الإيجابية : ما تفعله الأم العاقلة الحكيمة من توجيه ابنتها وإرشادها إلى ما يُصلح
حياتها ، سواء كان ذلك التوجيه والإرشاد قبل زواج ابنتها أم بعده .
ولا شك أن تجربة الأم في حياتها ، وعاطفتها نحو ابنتها يدفعانها إلى بذل النصح
والتوجيه للابنة التي لا تملك ما تملكه أمها من الخبرة والحكمة في التعامل مع الزوج
.
وقد يكون لتدخل الأم في حياة ابنتها المتزوجة آثار سلبية ، ومن أعظم تلك الآثار ما
قد يتسبب به تدخلها من تطليق ابنتها ، وذلك عندما يرى الزوج أنه لا طاعة له على
زوجته ، ولا قوامة له عليها ، وأن أم زوجته هي الآمرة والناهية لزوجته ، وبذلك
تتسبب في خراب بيت ابنتها .
فلا يجوز للابنة مجاراة أمها فيما تتطلبه من أخبارها الخاصة ، ولو تسبب ذلك بغضبها
عليها ، فطاعة الله تعالى مقدَّمة على طاعة غيره .
ولا شك أن هذا التدخل من أم الزوجة له أسبابه ، ومن هذه الأسباب :
1. قوة شخصية الأم ، مع ضعف شخصية زوجها ، فتكون هي المسيطرة في بيتها على قراراته
ونظامه ، فتريد نقل هذا لبيت ابنتها .
2. ضعف شخصية زوج ابنتها مع ضعف شخصية ابنتها ، وهنا تكون الفرصة مواتية لأن يكون
للأم الدور الأكبر في توجيه دفة قيادة بيت ابنتها ، فترى الأم أن البيت يحتاج
لإدارة قوية ، وأن الزوجين لا يستطيعان إدارة هذا البيت ، فتتولى هي قيادته .
3. العاطفة الجياشة نحو ابنتها ، وهذا يدفعها لسؤالها عن طعامها ، وشرابها ،
ودوائها ، وأمراضها ، وعن كيفية تعامل زوجها معها ، بل يتعدى ذلك إلى أدق تفاصيل
الحياة الزوجية .
4. ظلم الزوج لزوجته ، وهذا الظلم يدفع الأم للتدخل في كل صغيرة وكبيرة ؛ لتوقف
الزوج عند حدِّه ، وتساهم في إعطاء ابنتها حقوقها المسلوبة .
5. كثرة زيارات الابنة لأمها ، وكثرة اتصالاتها بها ، وفي غالب هذه الزيارات
والاتصالات لا تجد الأم شيئاً تتكلم به إلا معرفة ما يجري داخل بيت ابنتها .
وإذا تدخلت الأم في حياة ابنتها المتزوجة تدخلاًّ سيئاً،
فعليها وعلى زوجها مراعاة أمور ، ومنها :
1. التوجه بالنصيحة المباشرة للأم من قبَل الابنة وزوجها بعدم التدخل في حياتهما
الخاصة .
2. مناصحة الأب ( زوج الأم ) بضرورة كف زوجته عن التدخل في حياة الابنة وزوجها .
3. التلميح للأم ، بأنه إن استمر التدخل في حياتهما فسوف يمنعها
الزوج من زيارة ابنتها أو الاتصال بها ، كما أنه سيمنع زوجته وأولاده من زيارة أمها
، وبذلك تظهر قوة شخصية الزوج والزوجة ، ويكون هذا مانعاً للأم من التدخل السلبي
في حياتهما .
4. ضرورة التفاهم بين الزوجين على تجاوز هذه المشكلة ، وعدم تفرد واحد منهما بحلها
دون الآخر ، فهي مشكلة تتعلق بالطرفين ، وينبغي أن تكون الرؤية مشتركة .
5. مشاورة الأم في بعض الأمور ، وطلب نصحها فيها ، حتى تبقى الصلة بينهما بحدودها
الشرعية ، وحتى تعلم أن تدخلها ليس مرفوضاً كله ، وأنهما قد يحتاجانها في بعض
الأمور ، وهذا يُعطي الثقة فيها ، ويُبقي على التواصل ، ويمنع من تدخلها السلبي .
6. تخفيف الزيارات والاتصالات بالأم ، وإذا حصل شيء من هذا أن يستثمر في الكلام
المفيد ، والنصح والتذكير بالطاعات ، والبُعد عن المعاصي واقتراف السيئات .
ونسأل الله تعالى أن يصلح الأحوال ، وأن يهديكم جميعاً لما فيه رضاه .
والله الموفق