الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

إذا كان للخاطب ماض سيء واستقام الآن فهل تقبله؟

125886

تاريخ النشر : 17-11-2008

المشاهدات : 16997

السؤال

تقدم لي شخص قد سبق له الزواج من قبل ولديه بنت. ليس لدي اعتراض على زواجه ولكنه أفصح أنه تزوج بهذه المرأة حتى يتسنى له الخروج من الخدمة العسكرية حيث إنه يحظر على الضباط الزواج بأجنبية وتطبق عليهم عقوبة الطرد. أخبر أهلي أنه تعرف على فتاة روسية في أحد المصايف وتزوج منها لهذا الهدف وهذا الزواج أثمر عن طفلة. ولكن الأم الروسية أخذت الطفلة وسافرت إلى بلدها وعلى كلامه أنها لم تتح له الاتصال بابنته والتي تبلغ 5 سنوات الآن. سؤالي هو ما رأيكم فيما فعله؟ و ما رأي الشرع؟ مرة أخرى ليس عندي اعتراض على زواجه من قبل ولا أهتم بجنسيتها ..ولكن الهدف الذي كان يسعى إليه من الزواج هو ما يقلقني. هل أستطيع أن أثق به أو أتوقع منه أي شيء بما أنه استخف بالزواج وبناء الأسرة من أجل تحقيق هدفه في الخروج من الجيش حتى مع عدم موافقة أهله؟ وإذا كان ترك ابنته التي هي من دمه تربى بعيدا عنه مع أم غير مسلمة فما الذي ممكن أن يحدث لي لو وافقت على الزواج؟ هو يقول إنه ندم على فعلته ولكن ما رأيكم ؟وكيف لي أن أتحرى الصدق في كلامه؟ كل إنسان من الممكن أن يخطئ ولكن أنا في حيرة وأصلي استخارة ، الحمد لله ، وأنا مقتنعة أنه لا يجوز الحكم على شخص من أخطائه إذا أظهر ندمه عليها. وهذا الشخص كان لا يصلي في بعض الأوقات و أيضا شرب الخمر ولكنه يقول إن هذه المرحلة انتهت وكانت مثل ما يقولون طيش شباب وأنه نادم على ما فعله ويريد التقرب إلى الله وبالفعل فقد كان يحرص في رمضان هذا العام على صلاة التراويح والقيام وختم القران في رمضان كما ذهب لأداء عمرة منذ عدة شهور ويريد الذهاب للحج فهذا يدل على أنه يريد أن يمحي ماضيه ويبدأ من جديد ولكن أهلي منقسمين إلى قسمين فمنهم من يرى أنه لا مانع من إعطائه فرصة وأن كل إنسان ممكن أن يخطئ في حياته لا مانع أن يبدأ من جديد ، والقسم الآخر يرفض بشدة حتى التعرف عليه واعتباره من المتقدمين لخطبتي بالمرة ويقولون إنه لا دين له إذا كان ترك ابنته تربى بعيدا عن الإسلام وأن محاولاته لإرجاعها غير كافية خصوصا أن الابنة ولدت في روسيا ولم تذكر الأم اسمه كأب لها وهي لا تنسب إليه رسميا ولكنها أمام الله ابنته وسيحاسب عليها وكذلك يقولون لي كيف أقبل أن تكون هذه الفتاة الغير مسلمة أختا لأولادي إذا أراد الله أن يرزقنا بأطفال؟ وكيف أقبل بمن فرط في عرضه؟ وأنا لازلت أستخير الله ولكني لا أعلم ماذا أفعل وهل هذا الشخص أستطيع أن أرضى بدينه أو أنه مثل ما يقول بعض أهلي لا دين له لأنه ترك ابنته وعرضه؟ وإذا كان يريد بداية جديدة مبنية على تقوى الله الآن فهل هذا يشفع له ماضيه خصوصا أنه من أسرة طيبة أم سيكون دائما نقطة سوداء فيه؟ أرجو من فضيلتكم نصحي وتوجيهي فأنا فعلا أشعر أني ضائعة وغير قادرة على الحكم على الأمور. أحيانا أفكر أنه ممكن أن يكون لي دور في جعله يتقرب إلى الله وحثه على الطاعات ولكن في نفس الوقت أفكر أني لن أستطيع ذلك وأن هذه مجازفة وأني أريد أن أبني حياتي على تقوى الله بدون شوائب من الماضي والله وحده يعلم إذا كان هذا الشخص يناسبني أم لا ؟

الجواب

الحمد لله.


إذا كان هذا الخاطب مرضي الدين والخلق الآن ، فلا ينبغي رفضه لما كان في ماضيه من ذنوب وآثام قد تاب منها وندم على فعلها ، ولا داعي لإثارة هذه الشكوك وتقديم سوء الظن ، فكم من عاص هداه الله تعالى ووفقه وأكرمه ويسر له طرق الخير ، بعد أن كان في أوحال الرذيلة وأدناس الشر ، وكونه ترك ابنته لعجزه عن الوصول إليها لا يعني أنه يمكن أن يترك زوجته أو أولاده بعد أن هداه الله تعالى .
فالمعول عليه في هذه المسألة هو حاله الآن ، فإن كان صالحا مستقيما ، فلا ينبغي رفضه ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا خَطَبَ إِلَيكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فزوِّجُوه إِلَّا تَفْعلُوا تكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسادٌ عَرِيضٌ ) رواه الترمذي ( 1084 ) من حديث أبي هريرة ، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
لكن لا يكفي في الحكم بصلاحه واستقامته إخباره عن نفسه بأنه يصلي أو اعتمر أو يريد الحج ، بل ينبغي أن يُسأل عنه أصدقاؤه وزملاؤه وجيرانه وإمام مسجده ونحوهم ، ممن يطلعون على جليّة أمره .
ومن حق أهلك المعترضين على هذا الخاطب – على الأقل – أن يرتابوا في شأنه ، فينبغي عدم التعجل في قبوله ، حتى تتأكدي من استقامته ، فإن حصل عندك شك أو تردد فالسلامة أولى .
وينظر جواب السؤال رقم 5202 ورقم 105728 لمعرفة الصفات التي ينبغي توفرها في الزوج ، ووسائل التعرف على حال الخاطب .
كما ينظر جواب السؤال رقم 97240 فقد ذكرنا فيه جملة من النصائح والتوجيهات لمن تتردد في قبول الخاطب بسبب ماضيه السيئ ، ومما جاء فيه : " ليكن الحَكم على اختيارك ، هو ما يظهر لك من دينه وخلقه ، وصلاحيته لأن يكون لك زوجا ؛ تأمنين معه على دينك وعرضك ، بحسب ما فصلناه من قبل ؛ وليس الدافع أن يهديه الله على يديك ؛ فتأثير الرجل على امرأته أشد من تأثيرها عليه ، لاسيما في ناحية الهداية والاستقامة ، فإن لم تطمئني إلى حسن حاله وصدق توبته ، فلا ننصحك حينئذ بالإقدام على الاقتران به ".
فليجتهد أهلك في معرفة حال الرجل الآن ، وليكن قرارك الأخير مبنيا على هذا ، مع الاستخارة وسؤال الله تعالى التوفيق والتسديد .
نسأل الله أن يرزقك الزوج الصالح والذرية الصالحة .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب