الحمد لله.
روى الترمذي (1663) وابن ماجة (2799) وأحمد (16730) عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللَّهِ سِتُّ خِصَالٍ : يُغْفَرُ لَهُ فِي أَوَّلِ دَفْعَةٍ ، وَيَرَى مَقْعَدَهُ مِنْ الْجَنَّةِ ، وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ، وَيَأْمَنُ مِنْ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ ، وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ الْيَاقُوتَةُ مِنْهَا خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ، وَيُزَوَّجُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِنْ الْحُورِ الْعِينِ ، وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَقَارِبِهِ ) .
حسنه المنذري في "الترغيب والترهيب" (2/210) ، وابن حجر في "الفتح" (6/16) من حديث عبادة بن الصامت ، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .
أما التحديد في قوله : ( وَيُزَوَّجُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِنْ الْحُورِ الْعِينِ)
فقال الملا علي القاري رحمه الله :
"في التقييد بالثنتين والسبعين إشارة إلى أن المراد به التحديد لا التكثير ، ويحمل على أن هذا أقل ما يعطي ولا مانع من التفضل بالزيادة عليها " انتهى .
"مرقاة المفاتيح" (11 / 481).
وأما قوله : ( وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَقَارِبِهِ ) فهذا يحتمل أن المراد هذا العدد تحديدا ، ويحتمل أن المراد : أنه يشفع في عدد كثير من أهله ، ولا يقصد هذا العدد على سبيل التحديد ، وذلك لأن العرب تستعمل مضاعفات العدد (سبعة) للدلالة على التكثير .
قال الطاهر بن عاشور في قوله تعالى : (إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ) التوبة/80 . قال :
"(سَبْعِينَ مَرَّةً) غير مراد به المقدار من العدد ، بل هذا الاسم من أسماء العدد التي تستعمل في معنى الكثرة ، قال في الكشاف : السبعون جار مجرى المثل في كلامهم للتكثير " انتهى .
"التحرير والتنوير" (6/348) .
وقال المناوي رحمه الله عن شفاعة الشهيد في سبعين من أهله قال : "ويحتمل أن المراد بالسبعين التكثير" انتهى .
"فيض القدير" (6/598) .
أما لماذا هذا العدد ؟ (اثنتان وسبعون ، أو السبعون على أن المراد به التحديد) فعلم ذلك عند الله تعالى ، والواجب علينا التسليم لخبر الله ، وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم ، سواء عرفنا الحكمة من ذلك أو لم نعرف ، ولا داعي لتكلف الجواب ، والبحث عن حكمة ذلك .
تعليق