الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

حكم لبس حزام من الجلد أثناء الصلاة

143663

تاريخ النشر : 01-12-2009

المشاهدات : 40448

السؤال

هل يجوز لبس الحزام المصنوع من الجلد أثناء الصلاة؟

الجواب

الحمد لله.

الحزام المصنوع من الجلد إما أن يكون مأخوذا من جلد حيوان مذكى تذكية شرعية ، فهذا لا حرج في لبسه لكونه طاهرا اتفاقا .

وإما أن يكون من جلد ميتة ، وهذه الميتة قد تكون لحيوان يقبل التذكية حال الحياة كالإبل والبقر والغنم ، فيطهر جلدها بالدبغ على الراجح ، وهو مذهب الحنفية والشافعية ورواية للحنابلة .

وقد تكون لحيوان لا تحلّه الذكاة كالكلب والخنزير والنمر ونحوه من السباع ، ففي طهارة جلده بالدبغ خلاف .

قال النووي رحمه الله : "  فرع في مذاهب العلماء في جلود الميتة هي سبعة مذاهب :

أحدها : لا يطهر بالدباغ شيء من جلود الميتة لما روي عن عمر بن الخطاب وابنه وعائشة رضي الله عنهم وهو أشهر الروايتين عن أحمد ورواية عن مالك .

والمذهب الثاني : يطهر بالدباغ جلد مأكول اللحم دون غيره وهو مذهب الأوزاعي وابن المبارك وأبي ثور وإسحاق بن راهويه .

والثالث : يطهر به كل جلود الميتة ، إلا الكلب والخنزير والمتولد من أحدهما . وهو مذهبنا , وحكوه عن علي بن أبي طالب وابن مسعود رضي الله عنهما.

والرابع : يطهر به الجميع إلا جلد الخنزير وهو مذهب أبي حنيفة .

والخامس : يطهر الجميع والكلب والخنزير ، إلا أنه يطهر ظاهره دون باطنه ؛ فيستعمل في اليابس دون الرطب ، ويصلى عليه ، لا فيه , وهو مذهب مالك فيما حكاه أصحابنا عنه .

والسادس : يطهر بالدباغ جميع جلود الميتة والكلب والخنزير ظاهرا وباطنا , قاله داود وأهل الظاهر , وحكاه الماوردي عن أبي يوسف .

والسابع : ينتفع بجلود الميتة بلا دباغ ، ويجوز استعمالها في الرطب واليابس . حكوه عن الزهري " انتهى من " المجموع" (1/270) ، وينظر : الموسوعة الفقهية (15/ 252) .

ورجح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أنه لا يطهر إلا جلد الحيوان الذي تحله الذكاة ، أي : مأكول اللحم .

قال رحمه الله : " فمناط الحكم على المذهب هو طهارة الحيوان في حال الحياة ، فما كان طاهرا فإنه يباح استعمال جلد ميتته بعد الدبغ في يابس ، ولا يطهر. وعلى القول الثاني: يطهر مطلقا، وعلى القول الثالث: يطهر إذا كانت الميتة مما تحله الذكاة.
والراجح : القول الثالث بدليل أنه جاء في بعض ألفاظ الحديث : (دباغها ذكاتها ) ، فعبر بالذكاة ، ومعلوم أن الذكاة لا تطهر إلا ما يباح أكله ، فلو أنك ذبحت حمارا ، وذكرت اسم الله عليه ، وأنهر الدم ، فإنه لا يسمى ذكاة ، وعلى هذا نقول : جلد ما يحرم أكله ، ولو كان طاهرا في الحياة ، لا يطهر بالدباغ ، ووجهه : أن الحيوان الطاهر في الحياة إنما جعل طاهرا لمشقة التحرز منه ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : (إنها من الطوافين عليكم) ، وهذه العلة تنتفي بالموت ، وعلى هذا يعود إلى أصله وهو النجاسة ، فلا يطهر بالدباغ .
فيكون القول الراجح : أن كل حيوان مات وهو مما يؤكل ؛ فإن جلده يطهر بالدباغ ، وهذا أحد قولي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وله قول آخر يوافق قول من قال : إن ما كان طاهرا في الحياة فإن جلده يطهر بالدبغ " انتهى من "الشرح الممتع" (1/91) .

وينظر : سؤال رقم (1695)

وحديث : (دباغها ذكاتها) رواه أحمد (19567)، والنسائي (4243) من حديث سلمة بن المحبّق رضي الله عنه .
قال ابن حجر في "التلخيص الحبير" (1/ 204): " إسناده صحيح " انتهى .
 

وعليه فإذا كان الحزام مصنوعا من جلد مأكول اللحم ، فلا حرج في لبسه والصلاة به ؛ لأنه طاهر أصالة أو بعد الدبغ .

وأما إن كان مصنوعا من حيوان طاهر في الحياة ، غير أنه لا يؤكل لحمه ، وهو ما عدا الكلب والخنزير ، فالأمر فيه أسهل من غيره ، لقوة الخلاف فيه واختيار كثير من أهل العلم القول بطهارته من أهل العلم ، وإن كان الأحوط اجتنابه ، وترك ما اشتبه أمره ، لا سيما في حال الصلاة .

وينظر : سؤال رقم (13213)

فإن لم يعلم نوع الحيوان الذي أخذ الجلد منه : فالأصل طهارة ذلك وجواز استعماله ، حتى يتبين ، أو يغلب على الظن نجاسته .

سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء :

" ماذا ترون - أطال الله بقاءكم في خدمة الدين ـ في الحزامات والأحذية والمعاطف الجلدية المصنوعة في الغرب ؛ فهل يجوز لنا ارتداؤها أو لا يجوز ، بحيث لا نعرف كنه طهارتها : أهي من حيوان مذكى ، أو من خنزير ؟ "

فأجاب علماء اللجنة :

" الأصل الطهارة وجواز لبسها حتى يثبت ما يوجب الحكم بنجاستها وتحريم لبسها ، من كونها من جلد خنزير ، أو من حيوان غير مذكى ذكاه شرعية ولم يدبغ " انتهى .

"فتاوى اللجنة" (24/29) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب