الجمعة 10 شوّال 1445 - 19 ابريل 2024
العربية

هل يشرع للعاطس إذا حمد الله أن يشمت نفسه ؟

145679

تاريخ النشر : 06-03-2010

المشاهدات : 69558

السؤال

قول يرحمك الله عند العطس هنا في استراليا عندما يعطس أحد فإن الآخر يقول له يرحمك الله وأنا أفعل ذلك عندما يعطس مسيحي أمامي ولكنني بالطبع عندما أكون في البيت مع أصدقائي فإنني أقول الحمد لله فهل يجوز أن أقول لنفسي يرحمك الله.

الجواب

الحمد لله.

أولا : السنة أن يُشمت العاطس (بأن يقال له : يرحمك الله) إذا عطس وحمد الله تعالى ، فإن لم يحمد الله تعالى فإنه لا يشمت .

روى البخاري (6221) – واللفظ له - ومسلم (2991) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : عَطَسَ رَجُلَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يُشَمِّتْ الْآخَرَ ، فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ :

(هَذَا حَمِدَ اللَّهَ ، وَهَذَا لَمْ يَحْمَدْ اللَّهَ) .

وروى مسلم (2992) عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشَمِّتُوهُ ، فَإِنْ لَمْ يَحْمَدْ اللَّهَ فَلَا تُشَمِّتُوهُ ) .

قال النووي رحمه الله :

 " هَذَا تَصْرِيح بِالْأَمْرِ بِالتَّشْمِيتِ إِذَا حَمِدَ الْعَاطِس , وَتَصْرِيح بِالنَّهْيِ عَنْ تَشْمِيته إِذَا لَمْ يَحْمَدهُ "

انتهى .

ثانيا :

إذا عطس غير المسلم فحمد الله فإنه لا يقال له يرحمك الله ، وإنما يقال له : يهديكم الله ويصلح بالكم ؛ لما رواه أبو داود (5038) والترمذي (2739) وصححه ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ : كَانَ الْيَهُودُ يَتَعَاطَسُونَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْجُونَ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ يَرْحَمُكُمْ اللَّهُ ، فَيَقُولُ : ( يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ ) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .

قال الحافظ رحمه الله في الفتح" (10/604) :

" حَدِيث أَبِي مُوسَى دَالّ عَلَى أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ فِي مُطْلَق الْأَمْر بِالتَّشْمِيتِ , لَكِنْ لَهُمْ تَشْمِيت مَخْصُوص وَهُوَ الدُّعَاء لَهُمْ بِالْهِدَايَةِ وَإِصْلَاح الْبَال وَهُوَ الشَّأْن وَلَا مَانِع مِنْ ذَلِكَ , بِخِلَافِ تَشْمِيت الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُمْ أَهْل الدُّعَاء بِالرَّحْمَةِ بِخِلَافِ الْكُفَّار " انتهى .

وقال أبو الطيب رحمه الله في عون المعبود (13/257) :

" أَيْ : وَلَا يَقُول لَهُمْ يَرْحَمكُمْ اللَّه ؛ لِأَنَّ الرَّحْمَة مُخْتَصَّة بِالْمُؤْمِنِينَ ، بَلْ يَدْعُو لَهُمْ بِمَا يُصْلِح بَالَهُمْ مِنْ الْهِدَايَة وَالتَّوْفِيق لِلْإِيمَانِ " انتهى .

ثالثا :

إذا عطس المسلم فحمد الله : فسواء شمته أحد أو لم يشمته ، وسواء كان وحده أو كان في جماعة من الناس ، فليس من المشروع أن يشمت نفسه ، وإنما يحمد الله فقط .

وتشميت نفسه بعد الحمد ؛ لم ترد به السنة ، ولا جاء عن أحد من الصحابة ـ فيما نعلم ـ .

وقد روى البخاري  ومسلم (1718) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ) .

قال النووي رحمه الله :

" قَالَ أَهْل الْعَرَبِيَّة : ( الرَّدّ ) هُنَا بِمَعْنَى الْمَرْدُود , وَمَعْنَاهُ : فَهُوَ بَاطِل غَيْر مُعْتَدّ بِهِ . وَهَذَا الْحَدِيث قَاعِدَة عَظِيمَة مِنْ قَوَاعِد الْإِسْلَام , وَهُوَ مِنْ جَوَامِع كَلِمه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِنَّهُ صَرِيح فِي رَدّ كُلّ الْبِدَع وَالْمُخْتَرَعَات . وَهَذَا الْحَدِيث مِمَّا يَنْبَغِي حِفْظه وَاسْتِعْمَاله فِي إِبْطَال الْمُنْكَرَات , وَإِشَاعَة الِاسْتِدْلَال بِهِ " انتهى .

وغاية ما ورد في ذلك ما رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (8/501) : حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ ، عَن حُصَيْنٍ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ ، قَالَ : " إذَا عَطَسَ وَهُوَ وَحْدَهُ فَلْيَقُلْ : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، ثُمَّ يَقُولُ : يَرْحَمُنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ ، فَإِنَّهُ يُشَمِّتُهُ مَنْ سَمِعَهُ مِنْ خَلْقِ اللهِ " .

وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، قَالَ : " إذَا عَطَسْت وَأَنْتَ وَحْدَك فَرُدَّ عَلَى مَنْ مَعَك - يَعْنِي مِنَ الْمَلاَئِكَةِ – " .

وهذا وحده لا يكفي للقول بمشروعية تشميت الرجل نفسه إذا عطس ، وقد روى الطبراني في المعجم الكبير (1647) عن أبي ذر رضي الله عنه قال : ( تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يقلب جناحيه في الهواء إلا وهو يذكرنا منه علما) .

قال : فقال صلى الله عليه و سلم : (ما بقي شيء يقرب من الجنة ويباعد من النار إلا وقد بين لكم) . وصححه الألباني في الصحيحة (1803) .

فلو كان هذا مشروعا لبينه النبي صلى الله عليه وسلم ، وخاصة أنه مما تكثر الحاجة إلى معرفة حكمه .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب