الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

الصلاة في النعلين

147255

تاريخ النشر : 07-02-2010

المشاهدات : 20614

السؤال

يقول الله تعالى مخاطباً نبيه موسى عليه السلام : (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى) طه/12 ، هل الأمر بخلع النعلين هنا تعظيماً لله ، أما تعظيماً للوادي المقدس؟ وإذا كان تعظيماً لله فكيف يجوز للمسلم أن يقف في الصلاة بين يدي ربه وهو لابس نعليه؟

الجواب

الحمد لله.

"هذا شيء يتعلق بشريعة موسى حين أمره الله أن يخلع نعليه ، وظاهره أن الواد المقدس لا يطؤه بنعليه ، فيحتمل أن النعلين فيهما شيء من القذر ، أو لأسباب أخرى ، وقد أمر الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أن يخلع نعليه في الصلاة فقد جاءه جبرائيل وقد صف في الصلاة وكبر فأمره بخلع نعليه فخلعهما ، فلما سلم قال للصحابة : (إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ بِهِمَا خَبَثًا ، فَإِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلْيَقْلِبْ نَعْلَهُ فَلْيَنْظُرْ فِيهَا ، فَإِنْ رَأَى بِهَا خَبَثًا فَلْيُمِسَّهُ بِالْأَرْضِ ثُمَّ لِيُصَلِّ فِيهِمَا) وكان يصلي في نعليه عليه الصلاة والسلام .

فشريعة موسى تخصه وليست شريعة لنا ، قال تعالى : (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا) المائدة/48 ، أما شريعتنا فإنها تبيح لنا الصلاة في النعلين والخفين ، كما صلى فيهما النبي صلى الله عليه وسلم ، بل ذلك سنة لقوله صلى الله عليه وسلم : (خَالِفُوا الْيَهُودَ فَإِنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ فِي نِعَالِهِمْ) ، فالسنة لنا أن نخالف اليهود في ذلك وأن نتبع محمداً صلى الله عليه وسلم في ذلك ، وكان يصلي في نعليه ، ولهذا يشرع لنا أن نصلي في نعلينا وخفينا إذا كانا نظيفين .

فعلى المؤمن عند إتيان المسجد أن يلاحظ نعليه وخفيه وينظفهما إن كان فيهما شيء ، حتى لا يدخل بهما وبهما قذر ، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حين أخبره جبرائيل فخلعهما ، وإذا كانا نظيفين ليس فيهما شيء فلا حرج أن يصلي فيهما في المسجد ، إذا كان في حصباء أو تراب ، أما إن كان فيه فُرش فلا بأس ، لكن إذا خلعهما احتياطاً لئلا يكون فيهما تراب يوسخ المسجد ، أو يكدر المصلين فهذا حسن وليس بلازم .

وأما الخفان فلا ، إذا كان قد مسح عليهما فلا يخلعهما بل يصلي فيهما ، لأنه إذا خلعهما بطل الوضوء ، فإذا كان عليه خفان قد مسح عليهما للطهارة فلا يخلعهما بل يصلي فيهما ، لكن لا يدخل حتى ينظر فيهما ، ويزيل ما بهما من أذى إن كان هناك أذى ، حتى لا يدخل فيهما إلا وهما نظيفان .

أما النعل فأمرها أسهل فبالإمكان خلعهما لأن النعل لا يمسح عليها ، فإذا كان قد جاء على الطهارة وعليه نعلان فإن شاء خلعهما في المساجد المفروشة وإن شاء تركهما ، وإذا خلعهما من أجل مراعاة الناس لئلا يستنكروا منه ، أو لئلا يتكلموا عليه ، أو لئلا يكون فيهما تراب يوسخ الفرش ، من باب التحري للخير وباب البعد عن التشويش فذلك حسن ، وإلا فالأفضل مع من قال بالصلاة فيهما ولو كان المسجد مفروشاً ، إذا كانت النعلان نظيفتين ، فلا بأس بذلك لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ، ولقوله عليه الصلاة والسلام .

ولكن مراعاة للناس اليوم في المساجد المفروشة ، فإذا راعى الناس وخلعها خوفاً من أن يكون هناك تراب أو أوساخ لم يفطن لها ، أو أن الناس يستنكرون منه ذلك ، وربما تكلموا عليه وجهلوه جهلاً منهم ، فاتقى القالة وحسم المادة وجعلهما في مكان آخر فهذا لا بأس به إن شاء الله ، مراعاة لأمور الناس اليوم ، واتقاء لما قد يقع من بعضهم من الجهل والكلام الذي لا يناسب ، والله سبحانه وتعالى أعلم" انتهى .

سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله

"فتاوى نور على الدرب" (2/800 – 802) .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله "فتاوى نور على الدرب" (2/800 – 802)