الأربعاء 15 شوّال 1445 - 24 ابريل 2024
العربية

هل يجوز بقاء مجموعة فتيات طيلة الليل في المسجد ؟

السؤال


إنني أعيش في الدنمارك ، ولدنيا مسجد في مدينتنا ، وبعض الفتيات يردن أن يقضين وقتاً معاً في المسجد طوال الليل ، يتحدثن عن الإسلام ويتعلمن من بعضهن بعضاً ، ولذلك يبتن هناك بدون محرم ، غير أنهم حصلوا على الإذن من آبائهم ، كما أن مصلى السيدات منفصل عن مصلى الرجال ولكنهما قريبان من بعضهما جدّاً ، ولذلك فإننا نسمع الرجال إذا ما علت أصواتهم وسؤالي هو
: هل يمكن أن تقضي الفتاة الليل في المسجد بدون محرم ؟

الجواب

الحمد لله.


لم تشترط الشريعة وجود المحرم مع المرأة إلا عند سفرها ، فإذا أرادت الذهاب إلى المسجد أو السوق أو لزيارة جارة أو قريبة ، وكانت المكان قريباً لا يعد المنتقل إليه مسافراً : فإنه لا حرج عليها أن تذهب وحدها من غير محرم ، على أن ذلك مشروط بوجود الأمن ، فيجب أن تكون الطريقة مأمونة لا خطر عليها في ذهابها وإيابها .
فإذا كانت الطريق مأمونة ، ووصلت الفتاة إلى المسجد فلا حرج من اجتماعها بأخواتها للقيام بأعمال جماعية كطلب العلم ، أو للقيام بأعمال فردية كقراءة القرآن والصلاة ، وأما بياتها في المسجد مع صديقاتها وأخواتها فيجوز من حيث الأصل إذا كان مصلى النساء محفوظاً مأموناً من دخول الرجال عليه ، أو اعتداء سفهاء عليهن ، وتقدير ذلك يرجع للقائمين على المسجد من الإدارة والإمام واللجنة القائمة عليه ، ويرجع إلى تقدير الآباء ، فلكل بيئة حكمها ، والمهم في ذلك كله أن تكون الفتيات في مأمن من دخول الرجال عليهن ، أو تعرض السفهاء لهن ، ويفضَّل أن يوجد من يقوم على توجيههن والعناية بهن من طالبات العلم ، لئلا يحصل باجتماعهن فتنة ، ولتضبط تصرفاتهن بالشرع ويُحافظ على وقتهن من الضياع .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : " فالمرأة تعتكف ما لم يكن في اعتكافها فتنة ، فإن كان في اعتكافها فتنة : فإنها لا تمكَّن من هذا ؛ لأن المستحب إذا ترتب عليه الممنوع : وجب أن يُمنع ، كالمباح إذا ترتب عليه الممنوع وجب أن يمنع .
إلى أن قال رحمه الله :
ولكن قد يقال : كيف تعتكف في مسجد لا تُصلى فيه الجماعة ؟ أليس في هذا فتنة ؟
الجواب : ربما يكون ، وربما لا يكون ؛ فقد يكون المسجد هذا محرزاً محفوظاً لا يدخله أحد ، ولا يخشى على النساء فتنة في اعتكافهن فيه ، وقد يكون الأمر بالعكس ، فالمدار : أنه متى حصلت الفتنة منع من اعتكاف النساء في أي مسجد كان " .
انتهى من " الشرح الممتع على زاد المستقنع " ( 6 / 510 ، 511 ) .

ولا يجوز للنساء رفع أصواتهن ليصل إلى الرجال ، فإذا كانت المرأة تمنع من التسبيح للإمام إذا أخطأ في الصلاة ، وتمنع من الأذان والإمامة والخطابة ، وكل ذلك فيه ذكرٌ لله تعالى ؛ فهي ممنوعة من باب أولى من إظهار صوتها بغير ذلك من الكلام .
قال ابن حجر رحمه الله : " وكان منع النساء من التسبيح لأنها مأمورة بخفض صوتها في الصلاة مطلقا ، لما يخشى من الافتتان " .
انتهى من " فتح الباري " ( 3 / 77 ) ، وانظري جوابي السؤالين ( 9279 ) و ( 39186 ) .

هذا من حيث بيان الحكم الشرعي ، وإن كنا لا ننصح بمسألة البيات في المسجد للغرض المذكور ، ونرى أن يكفي أن يقضين النهار سويا في مدارسة العلم ، والتعاون على الطاعة ، ثم يبتن في بيوتهن .

نسأل الله أن يحفظهن ويرعاهن وأن يوفقهن لما فيه رضاه ، وانظري - لمزيد فائدة - جوابي السؤالين ( 49898) و (26298 ) .
والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب