الجمعة 10 شوّال 1445 - 19 ابريل 2024
العربية

شراء بيوت بالتقسيط مع اشتراط غرامة التأخير

السؤال

هنا في أمريكا يتعثر بعض أصحاب البيوت عن سداد الأقساط التي اقترضوها يوماً ما من البنوك لشراء تلك البيوت وهنا يأتي البنك فيتملك هذه البيوت بنص القانون والعقود التي بينه وبين المقترضين ، ثم يقوم البنك بعرضها للبيع بعد أن يضيف إلى ثمنها الأصلي مقدار الفوائد لمدة ثلاثين سنة الى الأمام ، فيأتي المشتري فيشتري منهم بيتاً يسدد أقساطه على شكل مبلغ شهري ثابت . فهل هذا جائز شرعاً ؟
طبعاً الصورة هنا تختلف عن الصورة الشائعة التي يقترض فيها الشخص المال فيذهب فيشتري بيتاً بنفسه، حيث أن الصورة هنا هي عبارة عن شراء بيت بعينه وليس اقتراض مال ، إلا أن السعر يكون مرتفعاً بعض الشيء على اعتبار أن البنك قد أضاف إليه مقدار الفوائد ، لكن بالمقابل فإنه يقسّطها على ثلاثين سنة. صورة أخرى شبيهة بالصورة الأولى وهي : أن بعض المقاولين يبنون بيوتاً ويعرضونها للبيع. بأسعار مرتفعة عن شبيهاتها من البيوت ، لأنهم أيضاً فعلوا كما فعل البنك ، أي أضافوا مقدار الفوائد للثلاثين السنة القادمة إلى السعر الأصلي للبيت ، ثم تمضي العملية على نفس المنوال الذي يفعله البنك، من حيث إن المشتري يدفع قسطاً ثابتاً شهرياً ، بالطبع هناك غرامة إذا تعثر الشخص أحد الأشهر فلم يدفع فإنه يدفع غرامة تضاف إلى القسط كعقوبة تأخير، وهذا أمر شائع ليس فقط في أقساط البيوت، بل حتى في فواتير الكهرباء وأقساط الجامعة..الخ ، فإن الشخص إذا تأخر فإنه يدفع غرامة ، والغرامة طبعاً خاصة بقسط ذاك الشهر بعينه ، أي أنها لا تتعداه إلى قسط أخر إلا إذا تكرر نفس الأمر من التعثر والتأخر تكررت الغرامة وهكذا.
فما الحكم هنا أيضاً ، هل يجوز شراء مثل هذه البيوت ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :
إذا كان البنك أو المقاول مالكا للبيت - بشرائه من عملائه أو من غيرهم أو ببنائه - فله أن يبيعه بثمن مقسط أعلى من ثمن البيع الحال ، ولا يضر كونه يحسب الأرباح كما تحسب الفائدة الربوية ، أو يزيد في الأرباح تبعا لزيادة مدة التقسيط ، ما دام يجعل للبيع سعرا محددا لا يزيد .
ومثاله أن يكون البيت ب 100 ألف مثلا ، فيبيعه ب 120 لمن يقسط الثمن على عشرين سنة ، ويبيعه ب 130 لمن يقسط الثمن على ثلاثين سنة ، فيجوز ذلك بشرط الاتفاق المحدد على إحدى الصور .
ثانيا :
لا يجوز النص على الفائدة ، كأن يقول البنك إن ثمن البيت 100 ألف ، والفائدة 30 ألفا ، وإنما تندرج الفائدة ضمن ثمن السلعة ، كما سبق .
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن البيع بالتقسيط : " إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية من 17- 23 شعبان 1410 هـ الموافق 14 - 20 آذار (مارس) 1990م،
بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع البيع بالتقسيط ، واستماعه للمناقشات التي دارت حوله .
قرر ما يلي :
أولاً : تجوز الزيادة في الثمن المؤجل عن الثمن الحال ، كما يجوز ذكر ثمن المبيع نقداً، وثمنه بالأقساط لمدد معلومة ، ولا يصح البيع إلا إذا جزم العاقدان بالنقد أو التأجيل ، فإن وقع البيع مع التردد بين النقد والتأجيل بأن لم يحصل الاتفاق الجازم على ثمن واحد محدد، فهو غير جائز شرعاً .
ثانياً : لا يجوز شرعاً في بيع الأجل، التنصيص في العقد على فوائد التقسيط ، مفصولة عن الثمن الحال ، بحيث ترتبط بالأجل ، سواء اتفق العاقدان على نسبة الفائدة أم ربطاها بالفائدة السائدة .
ثالثاً : إذا تأخر المشتري المدين في دفع الأقساط عن الموعد المحدد فلا يجوز إلزامه أيَّ زيادة على الدين بشرط سابق أو بدون شرط ، لأن ذلك ربا محرم .
رابعاً : يحرم على المدين المليء أن يماطل في أداء ما حل من الأقساط ، ومع ذلك لا يجوز شرعاً اشتراط التعويض في حالة التأخر عن الأداء .
خامساً : يجوز شرعاً أن يشترط البائع بالأجل حلول الأقساط قبل مواعيدها، عند تأخر المدين عن أداء بعضها، ما دام المدين قد رضي بهذا الشرط عند التعاقد .
سادساً : لا حق للبائع في الاحتفاظ بملكية المبيع بعد البيع ، ولكن يجوز للبائع أن يشترط على المشتري رهن المبيع عنده لضمان حقه في استيفاء الأقساط المؤجلة " . انتهى من " مجلة المجمع "(عدد 6، ج1 ص 453).
ثالثا :
لا يجوز أن يتضمن العقد اشتراط غرامة على التأخر في سداد أحد الأقساط ؛ لأن ذلك من الربا المحرم ، كما سبق في قرار مجمع الفقه .
وهكذا كل دَيْن ، كفواتير الكهرباء ، وأقساط الجامعة ، لا يجوز أن يشترط فيها غرامة تأخير .
وعليه فلا يجوز شراء البيت من البنك أو المقاول مع وجود هذا الشرط ، لأن التوقيع عليه والتزامه : التزام بالربا وإقرار له ، وذلك محرم .
وعلى المسلمين أن يتكاتفوا ويتعاونوا لإقناع البنوك والملاك بحذف هذا الشرط ، وتقديم الضمانات التي تعطي المالك الثقة والاطمئنان إلى وصوله لحقه .
رابعا :
إذا عجز المقترض عن سداد دينه ، فباع البنك بيته المرهون ، جاز شراؤه منه بشرطين : إذن صاحب البيت ، أو حكم الحاكم الشرعي بالبيع ، وأن يكون البيع بثمن المثل ؛ فإذا اختل شيء من هذه الشروط لم يجز شراؤه منه . وينظر : سؤال رقم (178394) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب