السبت 8 جمادى الأولى 1446 - 9 نوفمبر 2024
العربية

التلفظ بالطلاق دون قصد لإخراج اللفظ هل يقع به طلاق ؟

181908

تاريخ النشر : 28-07-2012

المشاهدات : 109883

السؤال


كنت أتحدث هاتفيّاً مع خطيبتي التي كتب شيخ كتابنا - وأقصد كتاب شيخ مع الخطبة غير مثبت بالمحكمة - وأنا لم أدخل عليها – أي : تثبيت الزواج والدخلة موعدها بعد عام - , وكنا نتحدث عن المستقبل أنه سوف نتشاجر على كذا وعندها " أنتِ طال.. " وكان سياق الحديث هزليّاً أي : الحديث كله عبارة عن مزاح , وأنا لم أقصد أن أتفوه بالكلمة ، أي : خرجت من فمي دون أن أشعر ، فما الحكم في هذه الحالة ؟

الجواب

الحمد لله.


أولاً:
إذا استوفى عقد النكاح شروطه وأركانه من الإيجاب والقبول ورضا الزوجين وحضور الولي والشاهدين : صحَّ العقد وترتبت عليه آثاره ولو كان بدون توثيق في المحكمة ، مع التنبيه على أهمية التوثيق ووجوبه لحفظ الحقوق ولتحقيق مصالح كثيرة تتعلق بالنسب والميراث وغيرهما .
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
" إذا تمَّ القبول والإيجاب مع بقية شروط النكاح وانتفاء موانعه : صح ، وإذا كان تقييده قانوناً يتوقف عليه ما للطرفين من المصالح الشرعية الحاضرة والمستقبلة للنكاح : وجب ذلك " .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 18 / 87 ) .
وعليه : فإن الفترة التي أنت فيها الآن لا تسمَّى خطبة ، بل هي فترة العقد ، وأما الخطبة فهي فترة ما قبل إنشاء العقد اللفظي بين الطرفين .
ثانياً:
يجب أن يُعلم أنَّ مِن شروط وقوع الطلاق : القصد والاختيار ، ومعناه : قصد اللفظ الموجب للطلاق ، على جهة الإنشاء له ، من غير إكراه ونحوه .
ويتبين باشتراط ذكر اللفظ على جهة الإنشاء ، أنه لو ذكره على سبيل حكاية هذا اللفظ ، سواء عن نفسه أو عن غيره : لم يقع به طلاق .
قال في " مطالب أولي النهى " (5/321) : " (وَتُعْتَبَرُ إرَادَةُ لَفْظِ الطَّلَاقِ لِمَعْنَاهُ) أَيْ: لَا يُرِيدُ بِهِ غَيْرَ مَا وُضِعَ لَهُ، وَهَذَا لَا يُنَافِي مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الصَّرِيحَ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إيقَاعِ شَيْءٍ بِهِ (فَلَا طَلَاقَ) وَاقِعٌ (لِفَقِيهٍ) أَيْ: عَلَيْهِ (يُكَرِّرُهُ) أَيْ الطَّلَاقَ لِلتَّعْلِيمِ، (وَ) لَا طَلَاقَ عَلَى (حَاكٍ) طَلَاقًا (وَلَوْ عَنْ نَفْسِهِ) أَوْ غَيْرِهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ مَعْنَاهُ، بَلْ التَّعْلِيمَ أَوْ الْحِكَايَةَ " انتهى.
والذي يظهر مما قلته أنه صدر على سبيل الحكاية لما قد يحدث مستقبلا ، وليس إنشاء للفظ الطلاق .
وهذا كله على سبيل أنك تلفظت بكلمة الطلاق ، قاصدا إليها ، أما إذا سبق لسانك بها ، ولم تقصد إليها ؛ فهذا أولى بعدم الاعتبار بها ، أو ترتب حكم عليها ، وهو الذي يسميه العلماء " طلاق المخطئ " وهو " من لم يقصد التلفظ بالطلاق أصلاً ، بل كان لفظه سبق لسان " وهذا لا يقع طلاقه عند جمهور العلماء .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : " كل لفظ بغير قصد من المتكلم لسهوٍ وسبقِ لسان وعدم عقل : فإنه لا يترتب عليه حكم " انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 33 / 107 ) .

والذي ننصحك به أن تجعل هزلك ولعبك وحكاياتك بعيدا عن ذلك الباب بالكلية ، فالمرء لا يدري ؛ ربما تكلم بكلمة يندم لها ، لكن حين لا ينفع الندم .
والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب