الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

تأخروا في إعطاء أختهم حقها من الميراث : فهل يأثمون بذلك ؟ وما سبيل التخلص من الإثم ؟

204306

تاريخ النشر : 06-12-2013

المشاهدات : 18928

السؤال


توفي أبي رحمه الله منذ أربع سنوات ، وترك بيتا من طابقين والسطح ، والطابق السفلي تسكنه أمي وأربع أولاد وأربع بنات ، وكلهم إخوة أشقاء ، واثنان من الأولاد في حكم الفاقدين للعقل يأكلان ويشربان ويذهبان ويجيئان ويدخنان ولا يعقلان ما وراء ذالك . ولأبي بنت من زوجته الأولى المتوفاة قديما تسكن مع جدتها أم أمها في بيت الجدة . أنا وأمي وأخوتي نسكن في البيت منذ 12/12/2008 وأمي تستفيد من معاش الوالد حوالي 9500 درهم ، بالإضافة الى 450 درهم من صندوق آخر للتقاعد . ولدينا ثلاث بيوت في الدار نكريها ب 2200 درهم تقريبا ، أخبرنا أن المعاش في بلدنا من حق الزوجة لا يلحقه الإرث . لكن أختنا من أبينا تطالب بنصيبها في الإرث لكن أمي تقول إنها مستعدة لدفع 70000 درهم لها مقابل أن تتخلى عن مطالبتها بكامل نصيبها ، وترفض بيع الدار التي لا ندري بالضبط ما عليها من الضريبة التي لا نملك مبلغها ، وأختي متمسكة بكامل نصيبها وقد تقبل ب70000 أقول قد تقبل . علما أن أختي هذه لم تستفد سوى من تقسيم المبلغ الأول في البنك الأول ولا تسكن معنا ولا تستفيد من شيء من المعاش أو من مداخيل الكراء منذ تاريخ الوفاة. ونرجو منكم تفصيل الكلام في ذالك وبيان مواقع الخطأ . وهل نحن آثمون بتأخير قسمة الدار ؟ التي قال أحد أصحاب الخبرة أنها قد تباع ب 1600000 درهم . وكيف نتخلص من الإثم في هذه المسألة ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
إذا مات المورّث : فإن أمواله تنتقل بموته للورثة مباشرة ، ولا يجوز لأحدٍ من الورثة أو غيرهم أن يعطِّل قسمة الميراث ، فإن اتفق الورثة على عدم تقسيم التركة كلها أو بعضها فلا حرج في ذلك ، فإن رغب واحد منهم في حصته فيجب أن يعطى له نصيبه من الميراث ، سواء كان بالنقد ، أو بالبيع ، أو بالإيجار ، أو بالمصافاة .
ينظر جواب السؤال رقم : (97842) ، ورقم (183030) .
وإذا استحقت المرأة المعاش دون الورثة صار ما تقبضه منه : ملكا لها خالصا ، لا يجوز لأحد أن يتصرف فيه أو في جزء منه إلا بإذنها ، ومعرفة ذلك يكون بموجب قوانين مصلحة المعاشات .

راجع جواب السؤال رقم : (147802) .
ثانيا :
بحسب البيانات المذكورة في السؤال : فإن المبلغ الذي تعرضه الوالدة على أختكم : ليس وافيا بحقها في تركة الوالد ، فإن التركة تقسم بينكم جميعا : للوالدة ثمن ميراث الوالد ، لوجود الفرع الوارث ، ثم يقسم باقي التركة بينكم جميعا : للذكر مثل حظ الأنثيين ، بما في ذلك أختكم التي توفيت أمها .

ويدخل في الورثة المستحقين للمال : الأخوان اللذان لا يعقلان ؛ فإن نصيبهما من الميراث يجب قسمته ، وإخراجه عن بقية الأنصباء ، ثم لا يمكنان منه ، ما داما على حالهما من السفه وعدم الرشد ، بل يحجر عليهما ، ويتولى النظر فيهما : الوصي الشرعي .
وينظر جواب السؤال رقم : (133560) .

ويدخل في ذلك : جميع ما تركه الوالد من أموال وحقوق .
ويدخل فيه أيضا : أجرة البيوت المؤجرة ، وجميع المداخيل المترتبة على مال الوالد ، وتركته ، منذ أن توفي .
ويدخل في ذلك : ثمن المنزل الذي تسكنونه ؛ فإما أن يباع ، ويعطى كل ذي حقه حقه ، أو يقوم : وتعطى أختكم التي لا تنتفع منه بشيء : حقها ، ثم يكون أمر المنزل : إليك أنت وباقي إخوتك ووالدتك .
وإما أن تتفقوا جميعا ، بما في ذلك أختكم ، على إبقاء المنزل ، على ما هو عليه ، مع تقدير أجرة ما تسكنون فيه وتنتفعون به ، بحسب أجرة المثل في بلدكم ، وتقسم الأجرة على جميع الورثة ، بحسب نصيبهم في الميراث الشرعي ، ثم تعطى أختكم نصيبها من هذه الأجرة ، مع نصيبها في باقي الأجزاء المؤجرة من المنزل.

والحاصل :
أنه يجب تمكين أختكم من نصيبها في الميراث ، بحسب القسمة الشرعية ، ولا يحل لكم منعها من شيء منه ، أو حبسه عنها ، أو مساومتها على حقها بأقل مما هو في واقع الأمر ، وعدم تمكينها من نصيبها كاملا ؛ فإنه لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه .
فإذا تمكنت من أخذ حقها ، وعرفته ، وتنازلت لكم عن شيء منه ، بطيب نفس منها : فلا حرج عليكم ، ولا عليها في ذلك ؛ فالحق لها ، ولها أن تأخذه كله ، أو تدعه كله ، أو تأخذ بعضا ، وتدع بعضا .
وليس لكم مخرج من الإثم في شيء من ذلك إلا بتسليم الحق لصاحبه ، أو تمكينه من أخذه كاملا ، ثم يأخذ أو يدع ، فهذا له هو ، وتستحلونه مما فات ، أو عجزتم عنه .
وينبغي أن يتوسط في حل مثل ذلك : بعض الناصحين ، من ذوي الحكمة والأمانة والديانة ، لئلا يخرج الأمر بينكم إلى حد النزاع والخصام ؛ وقد قال الله تعالى ، مرغبا عباده على التعافي عن بعض الحقوق : ( وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) البقرة/237 ؛ وإذا كان هذا الأمر فيما بين الأصهار والأزواج من الحقوق ، فكيف يكون الحال بين الإخوة ، والأرحام ؛ لا شك أن العفو ، والفضل بينهم أوكد ، ورعايته أولى ، والأجر والحسبة فيه أعظم .
راجع للفائدة جواب السؤال رقم : (193159) .
والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب