الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

هل ظهرت معصية الموسيقى في عهد شيث ابن آدم عليه السلام ؟

261528

تاريخ النشر : 03-01-2017

المشاهدات : 25968

السؤال

هل صحيح أن الموسيقى بدأت في العالم في عهد شيث؟ و الزنى أيضاً بدأ في هذا العهد؟ هل صحيح أن الشيطان جاء لقوم قابيل ، صنع طبل وعرفهم على الموسيقى؟ هل من الممكن أن تروي لي قصة شيث وهل هو شخص حقيقي، بأحاديث صحيحة ؟

ملخص الجواب

والخلاصة ؛ أن ما يذكر من أخبار شيث و أخبار أول ظهور للزنا والموسيقى ، هذه  الأخبار في الغالب مأخوذة عن أهل الكتاب ، والله أعلم بحالها . والله أعلم .

الجواب

الحمد لله.

لم نقف على نص ثابت من الوحي يخبرنا عن شيث ، وما حدث في عصره .

وأخباره وأخبار عصره أغلبها مأخوذ عن أهل الكتاب ، والله أعلم بحقيقة ذلك .

وقد جاء في أخبار أهل الكتاب أن ظهور الزنا والموسيقى كان في الفترة بين آدم ونوح عليه السلام .

قال الطبري رحمه الله تعالى :

" وأما غيره من أهل العلم بالتوراة فإنه ذكر أن الذي اتخذ الملاهي من ولد قايين رجل يقال له توبال، اتخذ في زمان مهلائيل بن قينان آلات اللهو من المزامير والطبول والعيدان والطنابير والمعازف، فانهمك ولد قايين في اللهو، وتناهى خبرهم إلى من بالجبل ، من نسل شيث، فهمّ منهم مائة رجل بالنزول إليهم، وبمخالفة ما أوصاهم به آباؤهم، وبلغ ذلك يارد، فوعظهم ونهاهم، فأبوا إلا تماديا، ونزلوا إلى ولد قايين، فأعجبوا بما رأوا منهم، فلما أرادوا الرجوع حيل بينهم وبين ذلك لدعوة سبقت من آبائهم، فلما أبطئوا بمواضعهم، ظن من كان في نفسه زيغ ممن كان بالجبل انهم أقاموا اعتباطا، فتسللوا ينزلون عن الجبل، ورأوا اللهو فأعجبهم، ووافقوا نساء من ولد قايين متسرّعات إليهم، وصرن معهم، وانهمكوا في الطغيان، وفشت الفاحشة وشرب الخمر.

قال أبو جعفر: وهذا القول غير بعيد من الحق، وذلك أنه قول قد روي عن جماعة من سلف علماء أمة نبينا صلى الله عليه وسلم نحو منه، وإن لم يكونوا بينوا زمان من حدث ذلك في ملكه، سوى ذكرهم أن ذلك كان فيما بين آدم ونوح صلى الله عليه وسلم .

ذكر من روي ذلك عنه:

حدثنا أحمد بن زهير، قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا داود- يعني ابن أبي الفرات- قال: حدثنا علباء بن أحمر، عن عكرمة، عن ابن عباس، أنه تلا هذه الآية : ( وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ) .

قال: كانت فيما بين نوح وإدريس، وكانت ألف سنة، وإن بطنين من ولد آدم، كان أحدهما يسكن السهل، والآخر يسكن الجبل، وكان رجال الجبل صِباحا ، وفي النساء دمامة، وكان نساء السهل صِباحا وفي الرجال دمامة، وإن إبليس أتى رجلا من أهل السهل في صورة غلام ، فآجر نفسه منه، وكان يخدمه، واتخذ إبليس لعنه الله شيئا مثل الذي يزمر فيه الرّعاء، فجاء فيه بصوت لم يسمع الناس مثله، فبلغ ذلك من حولهم، فانتابوهم يسمعون إليه، واتخذوا عيدا يجتمعون إليه في السنة، فتتبرج النساء للرجال، قال: وينزل الرجال لهن. وإن رجلا من أهل الجبل هجم عليهم وهم في عيدهم ذلك، فرأى النساء وصباحتهنّ، فأتى أصحابه فأخبرهم بذلك، فتحولوا اليهن، فنزلوا عليهنّ، فظهرت الفاحشة فيهن، فهو قول الله عز وجل: ( وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ). " انتهى . "تاريخ الطبري" (1 / 166 - 167) .

وإسناد أثر ابن عباس رضي الله عنه ظاهره الصحة، وابن عباس رضي الله عنه ربما أخذ عمن أسلم من أهل الكتاب بعض أخبار الماضين ، والظاهر أن هذا منها .

وإذا كان من المحتمل أن هذا من أخبار أهل الكتاب ، فأخبارهم التي لا يوجد في شرعنا ما ينفيها أو يثبتها  -كهذا الخبر – فحكمها أن لا نصدقها ولا نكذبها .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : ( كَانَ أَهْلُ الكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالعِبْرَانِيَّةِ ، وَيُفَسِّرُونَهَا بِالعَرَبِيَّةِ لِأَهْلِ الإِسْلاَمِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الكِتَابِ وَلا تُكَذِّبُوهُمْ ، وَقُولُوا: ( آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا ) الآيَةَ ) رواه البخاري (4485) .

وعن ابْنُ أَبِي نَمْلَةَ الْأَنْصَارِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَا حَدَّثَكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ ، وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ ، وَقُولُوا: آمَنَّا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ، فَإِنْ كَانَ بَاطِلًا لَمْ تُصَدِّقُوهُ ، وَإِنْ كَانَ حَقًّا لَمْ تُكَذِّبُوهُ ) رواه أبوداود (3644) ، وصححه الألباني في " سلسلة الأحاديث الصحيحة " (6 / 712) .

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى :

" وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أذن لأمته أن تحدث عن بني إسرائيل ، ونهاهم عن تصديقهم وتكذيبهم ، خوف أن يصدقوا بباطل ، أو يكذبوا بحق .

ومن المعلوم أن ما يروى عن بني إسرائيل من الأخبار المعروفة بالإسرائيليات له ثلاث حالات ؛ في واحدة منها يجب تصديقه ، وهي ما إذا دل الكتاب أو السنة الثابتة على صدقه ، وفي واحدة يجب تكذيبه ، وهي ما إذا دل القرآن أو السنة أيضا على كذبه ، وفي الثالثة لا يجوز التكذيب ولا التصديق ، كما في الحديث المشار إليه آنفا : وهي ما إذا لم يثبت في كتاب ولا سنة صدقه ولا كذبه " انتهى . " أضواء البيان " (4 / 238) .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب