الحمد لله.
أولا:
لا يجوز استثمار المال في بنك ربوي، وقد أحسنت والدتك بتحويل المال إلى بنك إسلامي في الظاهر.
ثانيا:
قد تبين من خلال التقرير السنوي لبنك فيصل لسنة 2015م أنه يدخل 37 من الأموال لديه فيما يسمى بأذونات الخزينة ، وهي سندات حكومية ربوية.
وقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن السندات:
" بعد الاطلاع على أن السند شهادة يلتزم المصدر بموجبها أن يدفع لحاملها القيمة الاسمية عند الاستحقاق، مع دفع فائدة متفق عليها منسوبة إلى القيمة الاسمية للسند، أو ترتيب نفع مشروط ، سواء أكان جوائز توزع بالقرعة ، أم مبلغاً مقطوعاً ، أم حسماً
قرر ما يلي:
أولا: أن السندات التي تمثل التزاماً بدفع مبلغاً ، مع فائدة منسوبة إليه ، أو نفع مشروط : محرمة شرعاً ، من حيث الإصدار ، أو الشراء ، أو التداول؛ لأنها قروض ربوية ، سواء أكانت الجهة المصدرة لها خاصة ، أو عامة ترتبط بالدولة.
ولا أثر لتسميتها شهادات ، أو صكوكاً استثمارية ، أو ادخارية ، أو تسمية الفائدة الربوية الملتزم بها : ربحاً، أو ريعاً، أو عمولة، أو عائداً" انتهى من "مجلة المجمع" (ع 6، ج 2 ص 1273).
ومثله في ذلك : "مصرف أبو ظبي الإسلامي" في بلد السائل.
وعليه :
فالواجب إخراج هذا المال من حساب الاستثمار، ويكتفى بوضعه في الحساب الجاري لغرض حفظه ، وينبغي البحث عن وسيلة مباحة لاستثمار .
وينبغي أن يعلم أن الاستثمار المحرم يتعلق به أمران:
الأول: إثم التعامل بالربا.
والثاني: أكل المال الربوي المحرم.
وعلى فرض أن المتعامل تخلص من الفائدة الربوية، فإنه يلحقه إثم التعامل، ولهذا كان الواجب البعد عن الاستثمار المحرم.
ثالثا:
لا يجوز الإبقاء على المال في الحساب المحرم ، والانتفاع بفوائده .
لكن من تاب إلى الله، وترك الاستثمار المحرم، وبقي لديه شيء من الفوائد المحرمة، ولم يكن يعلم بالتحريم حين استثمر المال : فله الانتفاع به؛ لقوله تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) البقرة/275.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "من فوائد الآية: أن ما أخذه الإنسان من الربا قبل العلم بالتحريم : فهو حلال له، بشرط أن يتوب وينتهي" انتهى من "تفسير سورة البقرة" (3/ 377).
فإن كان عالما بالتحريم : لزمه التخلص من الفوائد المحرمة ، بإعطائها للفقراء والمساكين .
فإن لم يكن له من المال الحلال ما يكفي نفقته ، ويسد حاجته ، واحتاج إليها : جاز له أن يأخذ منها قدر حاجته، مع التوبة ، والتوقف عن الاستثمار المحرم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في المال المأخوذ في مقابل العين ، أو المنفعة محرمة، كمهر البغي وثمن الخمر:
" ولا يحل هذا المال للبغي والخمار ونحوهما; لكن يصرف في مصالح المسلمين.
فإن تابت هذه البغي ، وهذا الخمار ، وكانوا فقراء : جاز أن يصرف إليهم من هذا المال مقدار حاجتهم .
فإن كان يقدر يتجر ، أو يعمل صنعة ، كالنسج والغزل : أعطي ما يكون له رأس مال .
وإن اقترضوا منه شيئا ليكتسبوا به ... كان أحسن" انتهى من "مجموع الفتاوى" (29/ 309).
وينظر جواب السؤال رقم : (126045) .
والفوائد المحرمة هنا هي 37% من مجموع الفوائد، ولو تخلصت من 40% كان أحوط.
والواجب أن تبر أمك، وتنصحها، وتبين لها خطر الربا وإثمه، وأنك مسئول عن هذا المال لأنه مالك، وهي مسئولة كذلك ، لأنها راعية قائمة على أمرك.
والله أعلم.
تعليق