الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

كيف يؤدي الأخرس تلبية الحج ؟

287201

تاريخ النشر : 04-08-2018

المشاهدات : 6401

السؤال

أنوي القيام بعمرة في رمضان القادم إن شاء الله تعالى بصحبة أخي الذي لا يسمع ولا يتكلم ، مع العلم أنه لم يدرس لغة الإشارات ، ولا يستطيع أن يتلفظ بجملة : " لبيك عمرة" ، فهل يجوز لي ان أنوب عنه في قولها بأن أتلفظ بها عن نفسي ثم أقول لبيك عمرة عن أخي ؟ وهل يجوز أن أدعو مكانه أيضا مع العلم أنه يستطيع الطواف والسعي والصلاة مع الجماعة ؟ وجزاكم الله خيرا

الجواب

الحمد لله.

أولاً :

الحج واجب على كل بالغ عاقل من المسلمين ، قال تعالى:  وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا  آل عمران: 97 .

والأصم والأبكم كغيره من المكلفين إذا كان بالغا عاقلا، ويجب عليه الحج كما يجب على غيره؛ لأنه ركن من أركان الإسلام .

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  الإِسْلامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَتُقِيمَ الصَّلاةَ ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ ، وَتَصُومَ رَمَضَان ،َ وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنْ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلا  أخرجه مسلم (8) .

وينظر جواب السؤال : (213606) .

ثانيا :

من عجز عن شيء من الواجبات سقط عنه ، ولزمه الإتيان بما يقدر عليه ؛ لقول الله تعالى :  فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ  التغابن/16 .

وقول النبي صلى الله عليه وسلم  :   وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ   متفق عليه .

ومن المعلوم أن الإهلال والتلبية بالنسك : إنما هو جهر بما انعقد في القلب من نية الدخول في النسك ، وليس هو النية .

فإن كان هذا الأصم يحسن النية ، فإنه يجب عليه أن يأتي بها ، ويكفيه أن ينويها بقلبه .

ويشرع لمرافقه أن يلبي عنه ، إذا عجز هو عن التلبية ، أو تعلمها .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "العدة في شرح العمدة" (1/608) :

" قَالَ - فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ -:

وَالْأَعْجَمِيُّ وَالْأَعْجَمِيَّةُ ، إِذَا لَمْ يَفْقَهَا : يُعَلَّمَانِ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهَا . ويؤديان الْمَنَاسِكَ، وَيَشْهَدَانِ مَعَ النَّاسِ الْمَنَاسِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالنِّيَّةِ، وَأَرْجُو أَنْ يُجْزِئَ ذَلِكَ عَنْهُمَا.

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُلَبِّيَ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى التَّلْبِيَةِ بِالْعَرَبِيَّةِ، أَوْ عَلَى تَعَلُّمِهَا ; لِأَنَّهُ ذِكْرٌ مَشْرُوعٌ، فَلَمْ يَجُزْ إِلَّا بِالْعَرَبِيَّةِ ، كَالْأَذَانِ وَالتَّكْبِيرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَذْكَارِ الْمَشْرُوعَةِ، لَا سِيَّمَا وَالتَّلْبِيَةُ ذِكْرٌ مُؤَقَّتٌ، فَهِيَ بِالْأَذَانِ أَشْبَهُ مِنْهَا بِالْخُطْبَةِ وَنَحْوِهَا ...
فَإِنْ عَجَزَ عَنِ التَّلْبِيَةِ بِالْعَرَبِيَّةِ: فَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يَجُوزُ أَنْ يُلَبِّيَ بِلِسَانِهِ .

وَيَتَوَجَّهُ : أَنْ لَا يَجُوزَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ مُنِعَ عَنِ الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ.

فَإِنْ عَجَزَ عَنِ التَّلْبِيَةِ ، بِأَنْ لَا يُحْسِنَهَا بِالْكُلِّيَّةِ ، أَوْ يَكُونَ أَخْرَسَ، أَوْ مَرِيضًا لَا يُطِيقُ الْكَلَامَ، أَوْ صَغِيرًا :

فَقَالَ أَحْمَدُ - فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ -: الْأَخْرَسُ وَالْمَرِيضُ وَالصَّبِيُّ: يُلَبَّى عَنْهُمْ .

وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ إِذَا عَجَزَ عَنِ الْجَهْرِ : يُلَبَّى عَنْهُ .

وَذَلِكَ لِأَنَّ جَابِرًا ذَكَرَ أَنَّهُمْ: كَانُوا يُلَبُّونَ عَنِ الصِّبْيَانِ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِعَجْزِهِمْ عَنِ التَّلْبِيَةِ ؛ فَفِي مَعْنَى الصِّبْيَانِ : كُلٌّ عَاجِزٌ .

وَلِأَنَّ أُمُورَ الْحَجِّ كُلَّهَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ إِذَا عَجَزَ عَنْهَا، كَالرَّمْيِ وَنَحْوِهِ .

فَإِذَا عَجَزَ عَنِ التَّلْبِيَةِ بِنَفْسِهِ: لَبَّى عَنْهُ غَيْرُهُ، وَيَكُونُ كَمَا لَوْ لَبَّى عَنْ مَيِّتٍ ، أَوْ مَعْضُوبٍ إِنْ ذَكَرَهُ فِي التَّلْبِيَةِ فَحَسَنٌ، وَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى النِّيَّةِ جَازَ.

قَالَ أَصْحَابُنَا، الْقَاضِي وَمَنْ بَعْدَهُ: وَالتَّلْبِيَةُ سُنَّةٌ لَا شَيْءَ فِي تَرْكِهَا ; لِأَنَّهَا ذِكْرٌ مَشْرُوعٌ فِي الْحَجِّ، فَكَانَ سُنَّةً كَسَائِرِ أَذْكَارِهِ مِنَ الدُّعَاءِ بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَمِنًى وَغَيْرِ ذَلِكَ." انتهى من "شرح العمدة" (4/431) – ط عالم الفوائد -.

والأصل في مشروعية الحج عن الصبيان ونحوهم ، ممن يعجز عن النطق ، أو تعلم النية ، ونحو ذلك : حديث ابن عباس : " عن النبي صلى الله عليه وسلم لقي ركبا بالروحاء، فقال: (من القوم؟) قالوا: المسلمون، فقالوا: من أنت؟ قال: (رسول الله)، فرفعت إليه امرأة صبيا، فقالت: ألهذا حج؟ قال: (نعم، ولك أجر) " صحيح مسلم (1336).

وقد دلت السنة أيضا : على مشروعية النيابة عنه ، فيما عجز عنه .

جاء في "عون المعبود"(5/110):

"قال الخطابي : إنما كان له الحج من ناحية الفضيلة ، دون أن يكون محسوبا عن فرضه لو بقي حتى يبلغ ويدرك مدرك الرجال .

وهذا كالصلاة ؛ يؤمر بها إذا أطاقها ، وهي غير واجبة عليه وجوب فرض، ولكن يكتب له أجرها ، تفضلا من الله سبحانه وتعالى، ويكتب لمن يأمره بها ويرشده إليها أجر .

فإذا كان له حج : فقد علم أن من سننه أن يوقف به المواقف، ويطاف به حول البيت محمولا ، إن لم يطق المشي .

وكذلك السعي بين الصفا والمروة ، ونحوها من أعمال الحج .

وفي معناه : المجنون ، إذا كان ميئوسا من إفاقته" انتهى.

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب