الثلاثاء 9 رمضان 1445 - 19 مارس 2024
العربية

بطلان ما يزعمون عن الكوكب العاشر

44878

تاريخ النشر : 22-04-2006

المشاهدات : 47100

السؤال

ما رأيكم فيما يسمي الكوكب العاشر أو كوكب العذاب كما يسمي وأنه متوقع اقترابه يوم 15/5/2003 وأنه سيسبب دمار الأخضر واليابس . هناك من يؤكد صحة هذا الأمر وأنه ما ورد ذكره في القرآن الكريم في سورة الطارق .
أفيدونا يرحمكم الله حيث أن من يؤيد ذلك يدعون الناس لترك منازلهم والهجرة لأماكن أخرى إن أرادوا النجاة .

الجواب

الحمد لله.

سئل الشيخ حامد العلي في موقعه على الإنترنت عن هذا الموضوع فقال : " يجب على المسلم أن يتقين ثلاثة أمور عندما يسمع مثل هذه الأخبار :

الأمر الأول : هو أن نهاية الحياة في الأرض لن تكون بحال من الأحوال إلا وفق ما جاء في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وذلك أن نهاية التاريخ لن تحصل قبل ظهور علامات الساعة الصغرى والكبرى كلها ، ومن ذلك أن يتصارع أهل الحق وهم أهل الإسلام مع أهل الشر والباطل ، وهم كل الذين يعادون دين الحق دين الإسلام ، ويسعون لإطفاء نوره وأن ثمة محطتين بارزتين في هذا الصراع ستقع قبل نهاية الحياة ، الأولي صراع أهل الإسلام مع أهل الصليب كما صح في الأحاديث التي ذكرت ملاحم آخر الزمان .

والمحطة الثانية هي صراع أهل الإسلام في وقت نزول عيسى عليه السلام مع الدجال وأتباعه من اليهود ، ثم يخرج يأجوج ومأجوج ، ويموتون موتة رجل واحد .

ثم يحكم أهل الإسلام الأرض ، ثم يموت كل من في قلبه مثقال ذرة من إيمان بريح باردة تقبض أرواح المؤمنين ، ثم لا تلبث الساعة بعد ذلك أن تقوم وشيكا على شرار الخلق متفرقين على كوكب الأرض ، لأن الكون لا يخرب وعلى الأرض مؤمن ، فإن انعدم الإيمان خربت ، إذ الإيمان بالله سبب بقاء الحياة .

والحاصل أنه لا يجوز أن يعتقد المسلم أن نهاية الحياة ستكون بخلاف ما ذكر في النصوص الثابتة في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .

الأمر الثاني : هو أنه لا يجوز للمسلم أن يعتقد أن الكواكب تهب النفع ، أو تدفع الضر ، أو يحصل بها الرزق أو هي التي تهب السعادة ، وتأتي بالشقاء ، وتوجه حياة البشر ونحو ذلك ، فهذه عقيدة شركية كان يعتقدها أهل الجاهلية وصح في الأحاديث أن من اعتقدها كفر ، وبهذا يعلم أن ما يزعمه كهان الأبراج كله كذب وكفر وشرك بالله تعالى .

فالكواكب ليست سوى أجرام مسخرة تسير بقدرة الله تعالى ، وتؤدي دورها في الكون ، وهذا لا يمنع أن يكون سيرها وفق نواميس أقام الله تعالى الكون عليها ، ويحصل بها تأثر فيما بينها ، ويترتب علي هذا التأثر ، حصول الكوارث والمصائب والزلازل ، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيميه أنه بسبــب كون الكسوف يؤثر على الأرض قال صلى الله عليه وسلم ( آية يخوف الله بها عباده ) ا.هـ بمعنى أنها تدل على قرب حدوث أمر مقدر من الله تعالى فيه تخويف وتذكير من الله تعالى ، تذكير بقدرته البالغة ، وتذكير بنهاية الحياة ، وتذكير للإنسان أن لا يطغى وأن يتذكر دائما أنه على أرض الله التي لو شاء لزلزلها من تحت رجليه ، فلا يستطيع صرفا ولا نصرا .

ولهذا عادة ما تحدث الزلازل بعد الكسوفات ، وكذلك الأعصاير المدمرة ، نعوذ بالله من غضبه ، كما ذكر رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم استعاذ من القمر لأن له تأثيرا وإلا لما استعاذ منه ، وإنما تأثيره من جنس تأثير المؤثرات الحسية التي خلقها الله وخلق تأثيراتها .

ومادام المسلم يعتقد أن ذلك يحصل كله بتقدير الله تعالى ، وأنها آيات يخوف الله بها عباده ، فلا ضير ، لكن يجب أن تكون معرفة علاقة سير الكواكب، والشمس ، بحركة سير الأرض ، وطبقات الأرض ، وحركة الرياح فيها ، مبينا على أسس علمية ، كما تكتشف علاقات قوانين الطبيعة مع بعضها ، والإسلام لم يحرم بل أمر باكتشاف قوانين الكون التي خلقها الله تعالى لتسييره .

الأمر الثالث : هو أنه لا يجوز للمسلم أن ينزل الأحاديث التي ذكر فيها النبي صلى الله عليه وسلم ما سيحدث فيما سيأتي من الزمان ، على كلام علماء الطبيعة والفلك ، الذين قد يكون كلامهم تخريصا أو تخمينا أو توقعات لا تلبث حتى يعلم خطؤها ، فلا يصح أن يجزم أحد من الناس بقوله : إن زوال أمريكا ، أو خروج المهدي ، أو تغيير النظام العالمي ، أو موازين القوى في العالم ، سيحدث بمرور كوكب يحدث تأثيرات كارثية على الأرض ، في هذا العام ، أو غيره .

ومن جزم بهذا فهو متخرص ، قائل بغير علم ، متهجم على الغيب بغير حق ، فأما إن كان الكلام في دائرة ذكر الإمكان ، وما يمكن أن يقع ، فما هو ممكن الوقوع كثير ، ولكن لا يعلم ما سيقع ، ومتى يقع إلا الله تعالى وحده .

هذا وقد أمرنا أن نجاهد أعداءها بما أوتينا من قوة ، وأن نسعى أن نتفوق عليهم ، أو أن نساويهم ، أو نقاربهم ، فيما يملكون من أسباب القوة المادية والمعنوية ، ولا نتكل على حصول الكوارث على أعداءنا .

وقد علمنا من سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم ، أن نواجه الأعداء بتوكلنا على الله أولا ، ثم بما آتانا الله من إيمان عميق بعقيدتنا ، وعزيمة أكيدة على حقنا ، وصبر هائل على طريقنا ، وإصرار بغير حدود على رسالتنا ، وجهاد دؤوب يستمر عبر الأجيال حتى نصل إلى أهدافنا ، وهدفنا الأعلى وهو قيادة البشرية إلى الهدى والنور ، لتستمتع البشرية برسالة الرحمة التي بعث بها نبينا صلى الله عليه وسلم ، وذلك كما فعل صلى الله عليه وسلم في حياته ، ولنا فيه الأسوة الحسنة .

وبعد هذا نقول إن كل ما ذكره هذا المتكلم عن كوكب ( نيبيرو ) لا قيمة له حتى يثبت بأسس علمية صحيحة ، إن هذا الكوكب سيحصل بمروره قرب الأرض تأثيرات كارثية ، ثم إذا ثبت ذلك ، فالواجب علينا أن نتمسك بالثوابت الثلاثة التي ذكرتها قبل قليل ، ثم اللجوء إلى الله تعالى ، والتوجه إليه بالدعاء أن يجنبنا البلاء ، وإذا وقع أن يرفعه عنا ، ويجعل عاقبته خيرا لنا ولأهل الإسلام

مع أن غالب الظن أن هذا الكلام على الكوكب المذكور ، كله تخرص ، لا أساس له من الصحة ، أو هو مبالغ فيه ، والاهتمام به ، ليس من الحكمة في شيء .

والله أعلم " ا.هـ

وقد مر التاريخ الذي ذكره السائل في سؤاله ، ولم يحدث شيء ، مما يؤكد أن هذا الكلام من باب الخرص والقول بلا علم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب