الحمد لله.
أولاً:
اليُتم هو فقد الأب قبل البلوغ .
والإحسان إلى اليتيم وكفالته والعناية به من شعب الإيمان ، قال تعالى : ( لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ) البقرة/ 177 ، وكفالة اليتيم من أسباب دخول العبد الجنة ، بل والقرب من النبي صلى الله عليه وسلم ، كما جاء عَنْ سَهْل بنِ سَعْد رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَأَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا - وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا - ) رواه البخاري ( 4998 ) .
وكفالة اليتيم من أعظم الطاعات والأعمال التي فيها صلاح المجتمعات ، ولذا لم تكن كفالة اليتيم القيام على مصالحه الدنيوية من طعام وشراب وكساء فقط ، بل وكذا القيام على مصالحه الدينية في التوجيه والتربية والتعليم .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" كفالة اليتيم هي القيام بما يصلحه في دينه ودنياه ؛ بما يصلحه في دينه من التربية والتوجيه والتعليم ، وما أشبه ذلك ، وما يصلحه في دنياه من الطعام والشراب والمسكن " انتهى .
" شرح رياض الصالحين " ( 5 / 113 ) .
وانظر تفصيلاً أوفى في أجوبة الأسئلة : ( 47190 ) و ( 5201 ) و ( 47061 ) .
ومجهولو النسب لهم أحكام اليتامى ، بل هم أولى بالعناية لعدم وجود أحد من والديهم وأهلهم ، واليتيم قد تكون أمه بجانبه ، وقد يزوره خاله وعمه وخالته وعمته ، أما مجهول النسب : فإنه منقطع عن كل أحد ، ولذا كانت العناية به أوجب من اليتيم معروف النسب .
سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء :
نظراً لتقدم كثير من الأسَر لمكتبنا بطلب احتضان الأطفال من دار الحضانة الاجتماعية بالدمام ، وعند تعريفهم بوضعهم الاجتماعي ( بأنهم مجهولو النسب ) يتردد الكثير منهم خوفاً من أنهم لا ينطبق عليهم الأجر المترتب على تربية اليتيم الذي حث عليه الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام ، عليه نرجو من فضيلتكم التكرم بتوضيح نظرة الإسلام لهذه الفئة مع إفادتنا بفتوى شرعية تبين الأجر المترتب على تربيتهم لنشر هذه الفتوى بين الناس حتى يقبلوا على احتضانهم واحتوائهم وإحاطتهم بالانتماء الأسري المفقود عندهم .
فأجابوا :
مجهولو النسب في حكم اليتيم ؛ لفقدهم لوالديهم ، بل هم أشد حاجة للعناية والرعاية من معروفي النسب ؛ لعدم معرفة قريب لهم يلجئون إليه عند الضرورة ، وعلى ذلك : فإن من يكفل طفلا من مجهولي النسب : فإنه يدخل في الأجر المترتب على كفالة اليتيم ؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : ( َأَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا ) ، لكن يجب على مَن كفل مثل هؤلاء الأطفال أن لا ينسبهم إليه ، أو يضيفهم معه في بطاقة العائلة ؛ لما يترتب على ذلك من ضياع الأنساب والحقوق ، ولارتكاب ما حرَّم الله ، وأن يعرف من يكفلهم أنهم بعد أن يبلغوا سن الرشد فإنهم أجانب منه كبقية الناس ، لا يحل الخلوة بهم أو نظر المرأة للرجل أو الرجل للمرأة منهم ، إلا إن وجد رضاع محرم للمكفول ، فإنه يكون محرماً لمن أرضعته ولبناتها وأخواتها ونحو ذلك مما يحرم بالنسب .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ بكر أبو زيد .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 14 / 255 ) .
والله أعلم
تعليق