الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

مواصفات الخمار والنقاب الشرعية وهل تُلزم المديرة المعلمات والطالبات بها ؟

100719

تاريخ النشر : 13-05-2007

المشاهدات : 45370

السؤال

أنا مديرة تحفيظ قرآن ، وأمرت المعلمات بعدم لبس النقاب ذي الطبقة الخفيفة أو الطبقتين ، لكنهن رفضن بحجة أنه غير محرم , فكيف يتسنَّى لي منع الطالبات من لبسه ؛ لأن الطالبات يعمدن إلى فتح هذه الطبقات بعد خروجهن من المدرسة ، وأيضاً : أثناء ركوبهن سيارات النقل ، وعند فرض الغطاء الكامل على الطالبات يرفضن بحجة أن المعلمات لا يطبقن ، نأمل منكم إجابة مفصلة .

الجواب

الحمد لله.


أولاً:
جزاكِ الله خيراً على حرصكم على الستر والعفاف ، والأخذ بالاحتياط ، وعلى القيام بالنصح والتوجيه للمعلمات والطالبات ، وهذا من أداء الأمانة .
ثانياً:
لا نستطيع أن نوجب على المسلمة غطاء وجهها بخمار ذي طبقات متعددة فالواجب هو ستر الوجه ، سواء بطبقة واحدة أو بطبقات .
وقد جاء في الشرع إباحة الخمار ، وإباحة النقاب ، والذي يَمنع النقاب من أهل العلم لا يمنعه لعدم مشروعيته في الأصل ، بل لتجاوز بعض النساء في صفة النقاب ، من حيث توسيع فتحة العين ، ومثل هذا يقال في الخمار أيضاً ، فلا يمنع لذاته بل لصفته من حيث رقة قماشه التي تبين الوجه من خلاله .
سئل علماء اللجنة الدائمة عن حكم الإسلام في النقاب ، فأجابوا :
" أما النقاب : فقد قال أبو عبيد في صفة النقاب عند العرب : هو الذي يبدو منه محجر العين ، وكان اسمه عندهم " الوصوصة " و " البرقع " ، وأما حكمه : فالجواز ، والأصل في ذلك ما جاء من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : ( لَا تَنْتَقِبْ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ وَلَا تَلْبَسْ الْقُفَّازَيْنِ ) ، وفي رواية قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ( نَهَى النِّسَاءَ فِي إِحْرَامِهِنَّ عَنْ الْقُفَّازَيْنِ ) .
ونهيه صلى الله عليه وسلم المُحرِمة أن تنتقب يدل على جوازه في غير حال الإحرام ، ثم إنه لا يُفهم من هذا الحديث أن المحرِمة يجوز لها كشف وجهها إذا كان الرجال الأجانب يرونها ، بل يجب عليها أن تسدل الخمار أو النقاب إلى أن يجاوزوها ، والأصل في ذلك ما رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمَاتٌ فَإِذَا حَاذَوْا بِنَا سَدَلَتْ إِحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ ) " انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 17 / 171 ، 172 ) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
ما حكم البرقع إذا لم يتخذ للزينة ، وإنما للستر ، ومع ذلك يوضع غطاء ؟ .
فأجاب :
" لا بأس به ؛ لأنه لا يشاهد ، فستغطيه بشيء فوقه ، لكن البرقع الذي يظهر ولا يغطى : لا نفتي بجوازه ؛ لأنه فتنة ؛ ولأن النساء لا يقتصرن على هذا ، ولو كانت النساء تقتصر على فتحة العين لقلنا : إن هذا النقاب ، وهو معروف في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا بأس به ، لكن ثق أنك إذا قلت : إنه يجوز للمرأة أن تنتقب لعينها وتنظر من وراء النقاب بعينها : أنه بعد مدة قليلة سيكون هذا النقاب متسعاً يتسع إلى الجبهة وإلى الخد ، ثم لا يزال يتضاءل المغطى من الوجه حتى يكشف كل الوجه ، هذا هو المعروف من عادة النساء ، فسدُّ الباب : أقرب للصواب " انتهى" لقاءات الباب المفتوح " ( 14 / السؤال 43 ) .
وعليه :
فنقول للمعلمات والأخوات ولسائر المسلمات : من رضيت منكن ستر وجهها فقد اختارت الأستر لنفسها ، والأكمل لدينها ، ولكن عليها أن تلتزم بالشرع في صفة الخمار ، أو النقاب ، فلا يجوز توسيع فتحات النقاب عن حد العين ليظهر ما هو أكثر منها ، كما لا يجوز أن يكون الخمار شفَّافاً يشف عن وجهها .
فعن علقمة بن أبى علقمة عن أمه : أنها قالت : دخلتْ حفصة بنت عبد الرحمن على عائشة أم المؤمنين وعلى حفصة خمار رقيق ، فشققته عائشة ، وكَسَتْها خماراً كثيفاً .
رواه مالك في " موطئه " ( 1693 ) والبيهقي في " سننه " ( 2 / 235 ) ، وإسناده صحيح .
قال ابن عبد البر رحمه الله :
" فكل ثوبٍ يصفُ ولا يستر : فلا يجوز لباسه بحال ، إلا مع ثوب يستر ولا يصف ؛ فإن المكتسية به عارية ، كما قال أبو هريرة ، وهو محفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة " انتهى" الاستذكار " ( 8 / 307 ) .
والشيء الآخر : أن مسئوليتك في مركز التحفيظ هو أن تلتزم المعلمات والطالبات بالستر الواجب عليهن داخل المركز ، وأما ما يحدث بعد انصرافهن من المركز ، أو قبل مجيئهن : فلا مسئولية عليكِ به ، إلا إن كان نصحاً وتوجيهاً وإرشاداً ، دون إلزام لهنَّ بشيء معيَّن يلبسنه .
ونسأل الله تعالى أن يوفقكِ لكل خير ، وأن يهدي المعلمات والطالبات للخير والصواب .
والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب