الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

إذا منعها الزوج من زيارة والديها هل تؤجر على نيتها

101321

تاريخ النشر : 31-07-2007

المشاهدات : 14140

السؤال

هل من واجب الإبن أن يكون أكثر اهتماما بوالديه وأن يحترمهما ويعتنى بهما أكثر من البنت ، أم إن الأبناء والبنات متساوون من جهة مسؤولياتهم تجاه والديهم؟ وإذا كانت هناك ابنة متزوجة وزوجها لايسمح لها أن ترى والديها إلا عندما يروق له ذلك ، وهى غير قادرة على أن تخدم والدتها ، على الرغم من رغبتها فى القيام بذلك ؛ فهل تؤجر على هذه الرغبة بالرغم من عدم قدرتها على تحقيقها ؟ هذا مع أن زوجها على علم بالمتطلبات الواجب القيام بها ويحسن إلى والدته ؟!

الجواب

الحمد لله.

أولا :
بر الوالدين واجب على جميع الأبناء ، الذكور والإناث ، لا فرق بينهم في ذلك ؛ لعموم الأدلة الآمرة ببر الوالدين والإحسان إليهما ، كقوله تعالى : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ) الإسراء/23، 24
وقال تعالى : ( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ) النساء/36
وروى البخاري (527) ومسلم (85) عن عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ ؟ قَالَ : الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا . قَالَ : ثُمَّ أَيٌّ ؟ قَالَ ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ . قَالَ : ثُمَّ أَيٌّ ؟ قَالَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ).
وروى البخاري (5971) ومسلم (2548) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي قَالَ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أَبُوكَ ).
فهذه الأدلة وغيرها عامة في أمر الأبناء بالبر ، سواء كانوا ذكورا أو إناثا ، لكن قد يتيسر للذكر بعض صور البر التي لا تتيسر للأنثى ، كزيارة الوالدين على الدوام ، فإن المرأة قد يمنعها زوجها من زيارة والديها أو من الإكثار من ذلك ، كما جاء في سؤالك .
ثانيا :
إذا منع الزوج زوجته من زيارة والديه ، فهل تلزمها طاعته ؟ في ذلك خلاف بين الفقهاء ، ذهب الحنفية والمالكية إلى أنه ليس له أن يمنعها من زيارة والديها .
وذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه له أن يمنعها ، ويلزمها طاعته ، فلا تخرج إليهما إلا بإذنه ، لكن ليس له أن يمنعها من كلامهما ولا من زيارتهما لها ، إلا أن يخشى ضررا بزيارتهما ، فيمنعهما دفعا للضرر . وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (87834)
ثالثا :
إذا كانت الزوجة راغبة في زيارة والديها ، وخدمة والدتها ، لكنها لا تقدر على ذلك بسبب زوجها ، فإنها تؤجر على هذه الرغبة والنية الصالحة ، وقد دلت السنة الصحيحة على أن الراغب في العمل الحريص على فعله ، يثاب في حال عجزه ثوابَ من فعله .
فقد روى البخاري (4423) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ فَدَنَا مِنْ الْمَدِينَةِ فَقَالَ : ( إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ ! قَالَ : وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ ، حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ )
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرح البخاري : " وَفِيهِ أَنَّ اَلْمَرْءَ يَبْلُغُ بِنِيَّتِهِ أَجْرَ الْعَامِلِ إِذَا مَنَعَهُ اَلْعُذْر عَنْ اَلْعَمَلِ " انتهى .
وروى الترمذي (2325) وابن ماجه (4228) عن أَبي كَبْشَةَ الْأَنَّمَارِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّمَا الدُّنْيَا لِأَرْبَعَةِ نَفَرٍ عَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَعِلْمًا فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَيَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا فَهَذَا بِأَفْضَلِ الْمَنَازِلِ وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالًا فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ يَقُولُ لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلَانٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ ...) الحديث صححه الألباني في صحيح الترمذي .
وعلى الزوج أن يحسن إلى زوجته ، وأن يعينها على بر والديها ، فهذا من حسن العشرة التي أمر الله بها ، قال تعالى : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) النساء/19
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب