الحمد لله.
إن شريعة الله عز وجل جاءت بأحكام تنطوي على مصالح العباد في دنياهم وأخراهم ، لأنها الشريعة المنزلة من خالق هذا الإنسان العالم بما يصلحه ويفسده ، لكن الحكمة من وراء التشريع قد تظهر لكل أحد وقد لا تظهر ، والمؤمن مأمور بالتسليم والإذعان لأحكام الله لأن ذلك مقتضى إيمانه بالله ربا وإلهاً ، ومن ثم فالكافر ينبغي أن يكون الجدال معه في إثبات هذا الإيمان أولاً ، ثم بعد ذلك يخوض المرء في الحديث عن الحِكَم من وراء التشريعات .
وفي الجواب عن هذا السؤال بخصوصه نقول :
إن الله جل شأنه خلق الإنسان وجعله زوجين ، ذكراً وأنثى ، وجعل لكل واحد منهما خصائص تتناسب مع الوظيفة الموكلة إليه في هذه الحياة ، فللرجل وظائف وأعمال لا تطيقها المرأة ، وللمرأة وظائف وأعمال لا يطيقها الرجل .
وإذا كان الأمر كذلك فإن من تمام الحكمة أن يهيئ كل واحد منهما لتلك الوظائف ، التي تطلب منه .
ومن المعلوم أن الذهب مما يتجمل به الإنسان ويتزين به فهو زينة وحلية ، والرجل غير مقصودٍ بهذا الأمر ، أي ليس إنسانا يتكمل بغيره ، بل الرجل كامل بنفسه ، لما فيه من الرجولة ، فليس بحاجة إلى أن يتزين لشخص آخر تتعلق به رغبته ، بخلاف المرأة ، فإن المرأة محتاجة إلى التجمل ، حتى يكون ذلك مدعاة للعشرة بينها وبين زوجها ، ولهذا أبيح لها أن تتجمل بالذهب وغيره حتى تتعلق بها رغبة الرجل ، فيطلبها ، فيتحقق المقصود من النكاح ، وهو المحافظة على الجنس البشري ، فالتنشئة في الزينة والنعومة إنما تليق بالمرأة ، أما الرجل فإن ذلك في حقه من المذام والمعايب ، ولذلك قال الله تعالى : ( أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ ) الزخرف/18 .
هذا خلاصة ما أجاب به أهل العلم عن هذا السؤال كما ذكر ذلك العلامة ابن عثيمين رحمه الله في مجموع فتاويه (11/60) .
وإذا كان الذهب والتزين به أمراً يوافق طبيعة المرأة والوظيفة التي خلقت لها فإن من الحكمة الظاهرة أن يمنع الرجل من التشبه بالمرأة في ذلك ، يقول العلامة ابن القيم رحمه الله في " إعلام الموقعين" (2/109) :
" وكذلك تحريم الذهب والحرير على الرجال حُرِّم لسد ذريعة التشبه بالنساء " انتهى .
ومن العجائب الآن : أنك ترى كثيراً من الشباب يتجملون بلبس سلاسل الذهب وغيرها ، بل تجدهم يضعون المكياج على وجوههم ، وهذا انتكاس في الفطرة ، ويتنافى مع الرجولة والحزم اللذين يجب أن يتصف بهما الرجل ، ولذلك لا تجد عاقلاً صاحب أعمال جادة يفعل ذلك ، وإنما هم إما من الشواذ ، أو ممن عندهم نقص في نفوسهم ، وفراغ في أوقاتهم ، فيحاولون ملأ نقص نفوسهم وفراغ أوقاتهم بذلك .
والله أعلم
تعليق