الحمد لله.
أولا : الواجب على المؤمن أن يستجيب لأمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولو كان ذلك على خلاف هواه واختياره . قال الله تعالى : (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا ) الأحزاب/36 . وقال : (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ(51)وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَائِزُونَ) النور/51-52 .
وإذا استجاب المؤمن لأمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم فهو مأجور على أي مشقة تحصل له بسبب ذلك ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة : ( أجْرُكِ عَلَى قَدْرِ نَفَقَتِكِ وْنَصَبِكِ – أي تعبك - ) البخاري (1787) ومسلم (1211) .
وأما حكم المسألة :
فلا يجب استعمال الماء لإزالة ما على المخرج من نجاسة بعد قضاء الحاجة ، بل يجزئ إزالتها بالأحجار أو المنديل أو ما أشبه ذلك من الأشياء التي تزيل النجاسة ، ودليل ذلك : ما رواه أحمد (23627) عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (إِذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْغَائِطِ فَلْيَذْهَبْ مَعَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ فَلْيَسْتَطِبْ بِهَا فَإِنَّهَا تَجْزِي عَنْهُ) . صححه الألباني في الإرواء (44) . ونقل ابن قدامة رحمه الله إجماع الصحابة على جواز الاقتصار على الأحجار وأنه لا يجب استعمال الماء . المغني (1/208).
ومع جواز الاقتصار على الأحجار أو المناديل فإن الأفضل هو استعمال الماء ، ودليل ذلك ما رواه البخاري (150) ومسلم (271) عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُ الْخَلاءَ فَأَحْمِلُ أَنَا وَغُلامٌ نَحْوِي إِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ فَيَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ) . والإداوة هي إناء من جلد .
وروى الترمذي (19) عَنْ عَائِشَةَ أنها قَالَتْ للنساء : مُرْنَ أَزْوَاجَكُنَّ أَنْ يَسْتَطِيبُوا بِالْمَاءِ فَإِنِّي أَسْتَحْيِيهِمْ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُهُ . صححه النووي في المجموع (2/101). قَالَ الترمذي رحمه الله بعد هذا الحديث : وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَخْتَارُونَ الاسْتِنْجَاءَ بِالْمَاءِ وَإِنْ كَانَ الاسْتِنْجَاءُ بِالْحِجَارَةِ يُجْزِئُ عِنْدَهُمْ فَإِنَّهُمْ اسْتَحَبُّوا الاسْتِنْجَاءَ بِالْمَاءِ وَرَأَوْهُ أَفْضَلَ اهـ
وإذا جمع بين استعمال المناديل والماء فهو أكمل وأفضل ، فيبدأ باستعمال المناديل ثم يستعمل الماء .
انظر : المجموع للنووي (2/100).
والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
تعليق