الحمد لله.
إذا كانت المسابقة فيها تحفيز على طلب العلم ، ومعرفة الأحكام الشرعية ، أو مراجعة القرآن والحديث ، فلا حرج أن يبذل فيها المتسابق مالا ، فيشتري شريط المسابقة أو كتابها من المحلات أو من الجهة القائمة على المسابقة .
والأصل أنه لا يجوز بذل العوض في المسابقات إلا فيما نص عليه الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله : ( لَا سَبَقَ إِلَّا فِي نَصْلٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ ) رواه الترمذي (1700) وأبو داود (2574) والنسائي (3586) وابن ماجه (2878) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
والسبَق : هو المال الذي يبذل في المسابقة.
والنصل: السهام.
والخف : الإبل.
والحافر : الخيل.
لكن ألحق بعض العلماء ما كان في معنى ذلك مما يستعان به على الجهاد ونصرة الدين ، كالمسابقة على البغال والحمير ، والأقدام ، وكالمسابقات الدينية والفقهية ، ومسابقات تحفيظ القرآن الكريم والسنة النبوية ، فيجوز بذل العوض في ذلك .
ويجوز بذل العوض في هذه المسابقات من أحد الطرفين أو منهما جميعاً أو من طرف ثالث .
قال ابن القيم رحمه الله في كتابه: " الفروسية ص (318) : "المسابقة على حفظ القرآن والحديث والفقه وغيره من العلوم النافعة ، والإصابة في المسائل ، هل تجوز بعوض ؟ منعه أصحاب مالك وأحمد والشافعي ، وجوزه أصحاب أبي حنيفة وشيخنا ، وحكاه ابن عبد البر عن الشافعي ، وهو أولى من الشباك (المشابكة بالأيدي) والصراع والسباحة ، فمن جوز المسابقة عليها بعوض فالمسابقة على العلم أولى بالجواز ، وهي صورة مراهنة الصدِّيق لكفار قريش على صحة ما أخبرهم به وثبوته ، وقد تقدم أنه لم يقم دليل شرعي على نسخه ، وأن الصدِّيق أخذ رهنهم بعد تحريم القمار ، وأن الدين قيامه بالحجة والجهاد فإذا جازت المراهنة على آلات الجهاد ، فهي في العلم أولى بالجواز ، وهذا القول هو الراجح " انتهى.
وقال أيضا (ص 97) : " قالوا: وإذا كان الشارع قد أباح الرهان في الرمي والمسابقة بالخيل والإبل، لما في ذلك من التحريض على تعلم الفروسية وإعداد القوة للجهاد فجواز ذلك في المسابقة والمبادرة إلى العلم والحجة التي بها تفتح القلوب ويعز الإسلام وتظهر أعلامه أولى وأحرى.
وإلى هذا ذهب أصحاب أبي حنيفة وشيخ الإسلام ابن تيمية " انتهى.
وينظر: "حاشية ابن عابدين" (6/403) .
فإذا كانت هذه المسابقة ، يستعان بها على البحث والتعلم ، ونصرة الدين وإعلاء كلمته ، فلا حرج في إنشائها ، وبذل الجوائز عليها ، ولا حرج على المتسابق في شراء كتيب المسابقة أو شريطها .
والله أعلم .
تعليق