الحمد لله.
وصيتنا لك – أختنا الكريمة – هي وصية الله تعالى للناس أجمعين ، للأولين والآخرين ، وصية جامعة لخيري الدنيا والآخرة ، يقول الله تعالى فيها : ( وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ) النساء/131
أي خير في الدنيا إذا كانت في سخط الرب تعالى ، وأي سعادة فيها إن لم تكن في طريق مرضاة الله عز وجل ، وهل يرضى المؤمن أن يعمر دنياه ويهدم آخرته .
يقول الله عز وجل : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ . وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ . لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ ) الحشر/18-20 .
وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم أمر الرجل أن يختار المرأة صاحبة الدين ، فقد أمر المرأة وأولياءها أن يختاروا الرجل صاحب الدين أيضاً .
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ ) رواه الترمذي (1084) وحسنه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (1022) .
والذي يمنع امرأته من ارتداء الحجاب ، ليس هو صاحب الخلق والدين الذي يستحق أن يزوج ، بل غالب الظن أنَّ مَن يمنع امرأته من ارتداء الحجاب فإنه يتساهل في غير ذلك من الكبائر والموبقات ، وأكل الحرام ، وعدم تعظيم أحكام الله تعالى .
ومثل هذا ، كيف يحافظ على امرأته وبيته ، أم كيف يربي أولاده على طاعة الله وهو يعصيه ويأمر بمعصيته؟
جاء في "الموسوعة الفقهية" (24/62) :
" ولا ينبغي للوليّ أن يزوّج موليته إلاّ التّقيّ الصّالح " انتهى .
وقال الشيخ صالح الفوزان في "المنتقى" (4/سؤال رقم/198) :
" يجب عند الزواج اختيار الأزواج الصالحين المتمسكين بدينهم ، الذين يرعون حرمة الزواج وحسن العشرة ، ولا يجوز أن يتساهل في هذا الأمر ، وقد كثر التساهل في زماننا هذا ، في هذا الأمر الخطير ، فصار الناس يزوجون بناتهم ومولياتهم برجال لا يخافون الله واليوم الآخر ، وصرن يشتكين من مثل واقع هذا الزوج ، ووقعن في حيرة من أمر هؤلاء الأزواج ، ولو أنهم تحروا قبل الزواج الرجل الصالح ليسر الله سبحانه وتعالى ، ولكن هذا في الغالب ينشأ من التساهل وعدم المبالاة بالأزواج الصالحين ، ورجل السوء لا يصلح أبدًا ، ولا يجوز التساهل في شأنه لأنه يسيء إلى المرأة ، وربما يصرفها عن دينها ، وربما يؤثر على ذريتها" انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "فتاوى نور على الدرب" (النكاح/اختيار الزوج/سؤال رقم 16) :
"الواجب على ولي المرأة إذا تقدم إليها خاطب أن يبحث عن دينه وخلقه ، وإذا كان مرضيا فليزوجه ، وإذا كان غير مرضي فلا يزوجه ، وسيسوق الله إلى موليته من يرضى دينه وخلقه إذا علم الله من نية الولي أنه إنما منعها هذا الخاطب من أجل أن يتقدم إليها من هو مرضي في دينه وخلقه ، فإن الله تعالى يوفر له ذلك " انتهى .
فالذي نراه لك عدم قبول هذا الخاطب ، وسيعوضك الله تعالى خيراً منه .
والله أعلم .
تعليق