الحمد لله.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يهدي أخاك وجميع شباب المسلمين ، وأن يلهمهم رشدهم ويشرح صدورهم وييسر أمورهم .
مرحلة المراهقة من أخطر المراحل التي يمر بها الإنسان في حياته كلها ، حيث إن للإنسان فيها تغيرات جسمية وعقلية وعاطفية وجنسية ، والشيطان حريص على إغوائه في هذه المرحلة بصورة كبيرة .
ومن خلال اطلاعنا على ما قاله المختصون في التربية في هذا الجانب وجدناهم ينصحون بما يلي :
- الحرص على ربط الفتى بصحبة صالحة ، فإن صحبة الصالحين تغري بالصلاح ، والصاحب ساحب ، وكما قيل :
عن المرء لا تسل وسل عن قرينه *** فكل قرين بالمقارن يقتدي
فليبحث عن الشباب المستقيم المتمسك بالدين لينخرط فيهم ، ويعبد الله معهم ، ويشهد معهم صلاة الجماعة ، ويطلب معهم العلم النافع .
نسأل الله تعالى أن يوفق أخاك للصحبة الصالحة التي تعينه على الخير وتحضه عليه .
-الحرص على شغل وقته بالنافع والمفيد من أمور الدين والدنيا، ولا يترك فارغا فإنه من أعظم المفسدات في هذه المرحلة ، كإشراكه في أي نشاط جماعيٍ هادفٍ حولكم ، حيث يستُفيد ويفيد .
- المبادرة والإسراع بتزويجه إذا تيسر ذلك ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ ، مَنْ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ) رواه البخاري (5066) ومسلم (3464) .
- كثرة الدعاء له بالخير والتوفيق والسداد .
- حثه على فعل الطاعات ، والبعد عن المحرمات والمشتبهات والمكروهات .
- عدم تمكينه من استخدام الوسائل الحديثة المتاحة بطريقة غير صحيحة ، وإبعاده عنها إلا فيما لابد منه ، فلا يسمح له مثلا بتصفح الإنترنت في مكان معزول عن أهل البيت ، كغرفة مغلقة ، والوسيلة في ذلك أن يوضع الجهاز في مكان عام في البيت بحيث لا ينفرد الولد بمشاهدة ما لا يحسن مشاهدته .
هذه بعض التوجيهات المفيدة في هذا الجانب.
أما عن الواجبات الشرعية التي تجب على من بلغ الحلم ، فلا يمكن ذكرها بالتفصيل في فتوى أو جواب ، لكننا نشير إلى أهم تلك الواجبات ثم نحيل السائل إلى بعض الكتب التي يمكنه أن يستفيد منها في هذا المجال فنقول :
أولاً : يثبت بالبلوغ في حق البالغ الالتزام بجميع أحكام الشرع ، وذلك بفعل المأمورات واجتناب المنهيات ، فيجب عليه فعل الصلاة وصيام رمضان وإيتاء الزكاة إن كان من أهلها ، وحج البيت إن استطاع إليه سبيلا .
وبما أن الصلاة لا تصح إلا بالطهارة ؛ فالواجب على من بلغ سن التكليف أن يتعلم أحكامها كذلك ، وذلك لقول الله تعالى : (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) المائدة/6 .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لَا تُقْبَلُ صَلَاةُ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ) قَالَ رَجُلٌ : مَا الْحَدَثُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: فُسَاءٌ أَوْ ضُرَاطٌ . رواه البخاري (135) .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : (لاَ تُقْبَلُ صَلاَةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ ، وَلاَ صَدَقَةٌ مِنْ غُلُولٍ) رواه مسلم (557) .
وقد مضى بيان صفة الوضوء في السؤال رقم (11497) ، وكذلك أحكام الغسل من الجنابة في السؤال رقم (10790) ورقم (2648 ) .
أما نواقض الوضوء فيراجع فيها السؤال رقم (14321) ورقم (11591) .
ومما يطرأ على المرء بالبلوغ نبات الشعر الخشن حول العانة وتحت الإبطين ، ومما سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهما : نتف الإبط وحلق العانة ، وقد مضى بيان ذلك في السؤال رقم (26266) ورقم (9037) ورقم (1177) .
ثانياً : إذا وجب على المكلف شيئا ؛ وجب عليه تعلم أحكامه ، لأنه لا يمكن للمرء أن يمتثل أمراً إلا بعد فهمه ومعرفة أحكامه.
قال القرافي في "أنوار البروق" (2/148): "حكى الغزالي الإجماع في إحياء علوم الدين والشافعي في رسالته حكاه أيضا في أن المكلف لا يجوز له أن يقدم على فعل حتى يعلم حكم الله فيه , فمن باع وجب عليه أن يتعلم ما عينه الله وشرعه في البيع , ومن آجر وجب عليه أن يتعلم ما شرعه الله تعالى في الإجارة ومن قارض وجب عليه أن يتعلم حكم الله تعالى في القراض , ومن صلى وجب عليه أن يتعلم حكم الله تعالى في تلك الصلاة وكذلك الطهارة وجميع الأقوال والأعمال فمن تعلم وعمل بمقتضى ما علم أطاع الله تعالى طاعتين , ومن لم يعلم ولم يعمل فقد عصى الله معصيتين , ومن علم ولم يعمل بمقتضى علمه فقد أطاع الله تعالى طاعة وعصاه معصية " انتهى .
وتعلم التكاليف الشرعية سهل ميسور لمن يسره الله له ، فليجتهد الإنسان في تعلم العلم النافع ، والعمل به ، وليسأل ربه التوفيق والسداد .
والله أعلم .
تعليق