الحمد لله.
يجوز ركوب البحر للنزهة وغيرها ؛ لأن الأصل الإباحة ، وقد امتن الله تعالى على عباده بأن يسر لهم جريان الفلك في البحر .
قال الجصاص رحمه الله في "أحكام القرآن" (1/150) : " باب إباحة ركوب البحر: وفي قوله تعالى : (والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس) دلالة على إباحة ركوب البحر غازيا وتاجرا ومبتغيا لسائر المنافع ; إذ لم يخص ضربا من المنافع دون غيره . وقال تعالى : (هو الذي يسيركم في البر والبحر) ، وقال : (ربكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر لتبتغوا من فضله) ، وقوله : (ولتبتغوا من فضله) قد انتظم التجارة وغيرها ، كقوله تعالى : (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله) ، وقال تعالى : (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم) وقد روي عن جماعة من الصحابة إباحة التجارة في البحر ، وقد كان عمر بن الخطاب منع الغزو في البحر إشفاقا على المسلمين " انتهى .
وورد النهي عن ركوب البحر إلا للحاج والمعتمر والغازي ، لكنه حديث ضعيف .
وهو ما رواه أبو داود (2489) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لَا يَرْكَبُ الْبَحْرَ إِلَّا حَاجٌّ أَوْ مُعْتَمِرٌ أَوْ غَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَإِنَّ تَحْتَ الْبَحْرِ نَارًا ، وَتَحْتَ النَّارِ بَحْرًا) .
قال الألباني رحمه الله في "إرواء الغليل" (4/169) : " اتفق الأئمة على تضعيفه " انتهى .
ومما ورد في ركوب البحر : ما روى أحمد (20767) عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ قَالَ : حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ وَغَزَوْنَا نَحْوَ فَارِسَ ، فَقَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ رَكِبَ الْبَحْرَ عِنْدَ ارْتِجَاجِهِ فَمَاتَ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ) صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (828) .
وهو يفيد المنع من ركوب البحر عند هيجانه واضطرابه ، ويفهم منه : جواز ركوبه عند عدم هيجانه .
قال الحافظ في الفتح : " ونقل ابن عبد البر أنه يحرم ركوبه عند ارتجاجه اتفاقا " انتهى .
وقال الشوكاني في "نيل الأوطار" (4/343) : " والحديث يدل على عدم جواز ركوب البحر في أوقات اضطرابه " انتهى .
والله أعلم .
تعليق