الثلاثاء 18 جمادى الأولى 1446 - 19 نوفمبر 2024
العربية

حكم الاشتراك في موقع "أجلوكو" ، وحكم المال المكتسب منهم

106669

تاريخ النشر : 13-12-2007

المشاهدات : 61100

السؤال

ما حكم المشاركة في مواقع "أجلوكو" وهو برنامج ربح عن طريق الإنترنت ، ويمكنكم فهم طريقة الربح بقراءة هذا الكلام : " كيف تربح ، الربح ناتج عن قناتين : القناة الأولى : هي تشغيلك للفيوبار 10 دقائق يوميّاً ، أي : 5 ساعات شهريّاً ، وهذه هي الفترة التي حددتها "أجلوكو" حاليّاً ، القناة الثانية : وهي الأكثر ربحاً : هي استضافتك لأكبر عدد ممكن من المشتركين ، حيث تربح من كل مشترك استضفته مبلغ في حدود 30 دولاراً ، هذا بالإضافة إلى الأرباح الشهرية التي تحددها "أجلوكو" لكل مشترك حيث إن "أجلوكو" تخصص 90 % من أرباحها لأعضائها الذين هم نحن ، وبالتالي فإن كل عضو في "أجلوكو" بالتأكيد سيربح ، ولو على أقل تقدير 500 دولاراً". هذا في حال استضاف عدداً قليلاً من المشتركين ، أما إذا كان المشترك نشطاً : فإن أرباحه الشهرية لا حدود لها فقد تكون 5000 دولاراً ، أو 10000 دولاراً ، أو أكثر ، حسب نشاطه ، وعدد المشتركين الذين قدمهم لـ "أجلوكو" . فما حكم هذا المال ؟

الجواب

الحمد لله.


أولاً:
إن المسلمَ عبدٌ لله تعالى، يعيش في هذه الدنيا ونصب عينيه أوامر ربه تعالى ليفعلها ، ونواهيه عز وجل ليدع فعلها ، ومن مقتضى العبودية : البُعد عن كل ما يسخطه تعالى من الأقوال والأفعال .
وربنا تعالى خلق كل ما في الأرض للإنسان ، وأباح له التنعم بما فيها من خيرات ، وما حذَّره منه قليل في مقابل ما أباحه له .
وقد أخبرنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن العبد لا بدَّ وأنه مسئول يوم القيامة عن مالهِ من أين اكتسبه ، وفيم أنفقه ، ولذا فعلى العبد أن يعلم الكسب الحلال من الحرام ، وأن يعلم مجالات الإنفاق المباحة من المحرمة ؛ خشية أن يعرِّض نفسه لسخط ربه تعالى وعقابه .
وقد جُبلت النفوس على حب المال ، وزيِّن للناس حب الذهب والفضة ، ولكن عبودية المسلم لربه تعالى تأبى أن يكون عبداً للدرهم والدينار ، وتأبى أن يحرص على تحصيل هذه الزينة والشهوة على حساب غضب الله تعالى وسخطه .
ثانياً:
مما اشتهر في هذه الأيام الدعوة للكسب السريع الهيِّن عن طريق موقع عالمي مشهور ، وكل ما يطلبه منك هذا الموقع تنزيل برنامج خفيف المحمل ، قليل الحجم ، وتضعه في جهازك ؛ ليتم به أمران :
الأول : أن تصبح بذلك عضواً في ذلك الموقع ، فيتكثر بك أمام المواقع الأخرى ، وأمام الشركات ، وأصحاب البضائع .
والثاني : أن تدخل من خلاله لمواقع عالمية مشهورة تختص بالبحث – مثل "جوجل" - ، أو ببيع الكتب – مثل "أمازون" - ، فإذا دخلتَ على تلك المواقع العالمية المشهورة من خلال ذلك البرنامج السهل الخفيف : ذهبت عمولة معينة – وهي 10 سنتات – لذلك الموقع صاحب ذلك البرنامج الخفيف .
وهذا البرنامج عندما تنزله على جهازك فإنه يصبح ثابتاً في شاشة جهازك ، وهو عبارة عن شريط تظهر فيه أسماء تلك المواقع العالمية المشهورة ليتم الدخول من خلاله لها ، وتظهر فيه روابط إعلانية لشركات ومصانع ومؤسسات تسوق لبضائعها ومنتجاتها .
وهذا الموقع العالمي الذي يطلب منك تنزيل ذلك البرنامج ليصبح شريطاً في أسفل شاشتك هو: "أجلوكو" ( Agloco ) ، وذاك البرنامج الشريط هو ما يسمى "الفيوبار" .
و "أجلوكو" هو اختصار جملة " المجتمع العالمي ( A Global Community) ، وهي شبكة اقتصادية عالمية تم إنشاؤها في نوفمبر ، سنة 2006 م .
والشركات التي ترغب في الإعلان عن منتجاتها أو بضائعها أو مخترعاتها إنما تبحث عن المواقع التي يقصدها أكبر عددٍ من المتصفحين ، ولذلك تتنافس المواقع في جذب أكبر عددٍ منهم ليتم من خلال ذلك العدد جذب الشركات ومواقع الإعلان لهم .
وقد رأى أصحاب ذلك الموقع أن خير طريقة لجذب المتصفحين له هو وعدهم بأن يكون لهم نصيبٌ من الأرباح المجناة من تلك الشركات المعلنة عندهم ، وهي تقول لمتصفحيها نحن نتكثر بكم ، ونفيدكم بما نكسبه ، ويعد أصحاب الموقع الأعضاء النشيطين بمزيد من الأرباح الشهرية ، وذلك في حال نجاحهم بجذب متصفحين غيرهم ، ينزلون ذلك البرنامج عندهم على أجهزتهم .
وهنا أمران مهمان لا بدَّ من الإشارة لهما :
الأول : أن الموقع "أجلوكو" لا يستوفي مبلغاً مقابل الاشتراك معهم .
والثاني : أنه لا يُلزم بالدخول على الصفحات التي تظهر روابطها على شريطهم .
هذا هو ملخص وخلاصة المسألة الوارد ذِكرها في السؤال ، وأما حكمه من ناحية الشرع : فالذي يظهر لنا هو عدم جواز الاشتراك معهم للأسباب التالية :
الأول : أن المشترك معهم سيكون جزءً من هذا الموقع العالمي ، بل قد يكون من أصحاب الأسهم – حيث وعدوا بإعطاء أرباح مكونة من مال وأسهم في الموقع - ، ولا شك أن هذا الموقع سيحمل في طياته كثيراً من المخالفات الشرعية ، مكتوباً ، ومسموعاً ، ومرئيّاً ، فهم ليسوا من المسلمين الذين يعبدون الله ، بل هم من عبيد الشهوات ، وعبيد اليورو والدولار .
والثاني : أن الاشتراك معهم سيكون سبباً في إيصال روابط لمواقع وشركات تشتمل على المحرمات والمنكرات ، فهناك مواقع إباحية فاسدة ، وهناك مواقع للموسيقى والغناء ، ومواقع للبورصات العالمية ، والبنوك الربوية ، ومواقع تعارف بين الجنسين ، وصور ، وأفلام فيها من الحرام الشيء الكثير ، وكل ذلك ستظهر روابطه على جهازك ، وإذا ضمن المسلم نفسه بعدم الدخول : فإنه لا يضمن غيره ممن يستعمل جهازه ، مع أن الأصل أن اشتراكه في ذلك الموقع هو الذي دفع شركات الإعلان والمواقع ذات المحرمات والمنكرات للإعلان في موقع "أجلوكو" ، وبالتالي وصلت الإعلانات – بما فيها من منكرات – لجهازك .
والعجيب أن ذلك البرنامج المسمى "الفيوبار" سيتعرف على ميول المتصفح بحسب المواقع التي يزورها ، ومن ثم فإنه سيرسل لك روابط إعلانات تتوافق مع رغبتك ، فلو كان المتصفح يدخل مواقع الغناء : فإنه ستأتيه روابط إعلانية لمواقع غنائية ، وموسيقى ، وهكذا لو دخل أحد المتصفحين موقعاً فاجراً يحوي صوراً وأفلاماً : فإنه ستأتيه روابط إعلانية تتوافق مع ما يدخله من تلك المواقع الفاسدة .
ولذلك : فإننا نرى حرمة الاشتراك في ذلك الموقع المسمى "أجلوكو" ؛ لما يتسببه الاشتراك معهم في تقويته أمام شركات الإعلانات ، وأمام الشركات والمواقع الراغبة في الإعلان ؛ ولما يتسببه الاشتراك معهم في وصول إعلانات لمواقع تحوي المنكرات والمحرَّمات .
ونحذِّر المسلمين من الاغترار بدعايتهم بالكسب السريع ، والحلال ! ونحذِّرهم مما ينشرونه في دعايتهم من فتوى للشيخ الدكتور سامي السويلم حفظه الله ، فهي لا علاقة لها بحقيقة عملهم ، وفتواه حفظه الله كانت في مواقع تقدم عمولات مقابل تصفح الإعلانات لديها ، وفي الفتوى ذاتها قوله حفظه الله : " وهذا النوع لا حرج فيه - إن شاء الله - بشرط أن تكون الإعلانات بعيدة عن المحاذير الشرعية ، ولا تتضمن الدعاية لمحرم ، أو منكر " ! وأنَّى لموقع "أجلوكو" أن يمنع تلك المحرمات ، والمنكرات من وجودها على أجهزة مشتركيه ؟! وأخيراً نقول :
إن الله تعالى وسَّع لنا أبواب الرزق الحلال ، وأكثر لنا من طرقه وسبُله ، والمال الحلال يبارك الله تعالى فيه وإن كان قليلاً ، والمال الحرام يمحقه ولو كان كثيراً .
ونسأل الله تعالى أن يغنينا بحلاله عن حرامه ، وبفضله عمن سواه .
والله أعلم
 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب