نص الجواب
الحمد لله
رتب الله تعالى على القذف ثلاث عقوبات ، وهي : الحد ، وعدم قبول الشهادة ، والوصف
بالفسق .
فقال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا
بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا
لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ
تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
النور/4-5 .
أما الحد فقد أجمع العلماء على أن حد القذف ثمانون جلدة إذا كان القاذف حراً ،
رجلاً كان أم امرأة ؛ لقول الله تعالى : (فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً)
النور/4 .
وأما عدم قبول شهادته ، فقد اتفق العلماء على أن القاذف لا تقبل له شهادة ما دام لم
يتب ، لأنه ارتكب معصية كبيرة وهي القذف ولم يتب منها ففقد العدالة ، والعدالة شرط
لقبول الشهادة ، ولأنه كاذب وفاسق بنص الآية الكريمة : (وَأُوْلَئِكَ هُمْ
الْفَاسِقُونَ) ، (لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ
يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُوْلَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمْ الْكَاذِبُونَ)
النور/13.
والفاسق والكاذب لا تقبل له شهادة ، لقول الله تعالى : (وَأَشْهِدُوا ذَوَى عَدْلٍ
مِنْكُمْ ) فيشترط في الشاهد أن يكون عدلاً ، والفاسق والكاذب ليس عدلاً .
فإن تاب من القذف وكَذَّب نفسه ، فذهب جمهور العلماء (مالك والشافعي وأحمد) إلى
قبول شهادته ، قالوا:
1- لأن التوبة تهدم ما كان قبلها من الذنوب ، فإذا تاب فقد محي ذلك الذنب وأثره
تماماً ، وعدم قبول الشهادة من آثار ذلك الذنب .
قال الإمام الشافعي في "الأم" (7/94) :
"فإذا أكذب نفسه قبلت شهادته ، وإن لم يفعل لم تقبل ، حتى يفعل ، لأن الذنب الذي
ردت به شهادته هو القذف ، فإذا أكذب نفسه فقد تاب" انتهى .
2- ولأن تأبيد عدم قبول الشهادة في الآية مقيد بما إذا استمر على الفسق ، ولذلك ذكر
بعدها الحكم عليه بالفسق : (وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا
وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ) فإذا زال عنه وصف الفسق زال عنه سبب رد شهادته .
3- أنه ورد عن عمر رضي الله عنه أنه قال لمن قذفوا المغيرة بن شعبة بعدما جلدهم
الحد ، قال : (من تاب قبلت شهادته) رواه البخاري تعليقاً مجزوماً به .
وتوبته : أن يكذب نفسه في اتهام المقذوف بالزنى ، ولهذا جاء لفظ عمر عند ابن جرير :
(من كذب نفسه قبلت شهادته) .
فإذا تاب القاذف واستقام قُبلت شهادته ، كغيره من المسلمين العدول .
"المغني" (12/386) ، "المجموع" (22/98-101) .
والله أعلم .
المصدر: الإسلام سؤال وجواب
تعليق