الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

استشكل فتوى جواز قول تحياتي مع كلام للشيخ بكر أبو زيد

111782

تاريخ النشر : 16-12-2007

المشاهدات : 28258

السؤال

قرأت الفتوى رقم : (47951) و ( 34684 ) وقد أشكل عليَّ مع ما قال الشيخ بكر حفظه الله . وقد قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد حفظه الله في كتابه " معجم المناهي اللفظية " : تحياتي لفلان : لأبي طالب محمد بن علي الخيمي المنعوت بالمهذب ، المتوفى سنة 642 هـ رسالة باسم : " شرح لفظة التحيات " في ( ص 50 ) جاء فيها ما نصه : ( فأما لفظ " التحيات " مجموعاً : فلم أسمع في كتاب من كتب العربية أنه جُمع إلا في جلوس الصلوات ، إذاً لا يجوز إطلاق ذلك لغير مَن له الخلق والأمر ، وهو الله تعالى ؛ لأن الملك كله بيد الله ، وقد نطق بذلك الكتاب العزيز : ( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ ) الآية إلى آخرها . والذي سطره أهل اللغة إنما يعبرون عن التحية الواحدة ، ولم ينتهوا لجمعه دون إفراده ؛ إذ كان ذلك من ذخائر الإلهام لقوم آخرين فهموا عن الله تعالى كتابه فنقلوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شريعته ......) ا.هـ .

الجواب

الحمد لله.


أولاً:
يجب أن يُعلم أن تحية الإسلام هي " السلام عليكم " ، ولا يجوز العدول عنها إلى غيرها مما يحيي الناس بعضهم به .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا فَلَمَّا خَلَقَهُ قَالَ اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ جُلُوسٌ فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَقَالُوا السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ فَلَمْ يَزَلْ الْخَلْقُ يَنْقُصُ بَعْدُ حَتَّى الْآنَ ) .رواه البخاري ( 5873 ) ومسلم ( 2841 ) .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ ، قِيلَ : مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشمِّتْهُ ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ ، وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ ) .
رواه مسلم ( 2162 ) .
ثانياً :
لا مانع من استعمال لفظ " تحياتي " بعد الانتهاء من الكلام ، أو في آخر الرسائل ، أو بعد إلقاء السلام ، فالتحية في اللغة ـ في أشهر معانيها ـ هي السلام .
قال في القاموس (1649) : " والتحية : السلام ، وحياه تحية ، والبقاء ، والملك " .
وقال نحوه صاحب لسان العرب (2/1078) .
فإن كان لفظ التحية مفردا ، نحو : اقبل تحيتي ، أو : لك تحيتي ، ونحو ذلك ؛ فهذا لا إشكال فيه ، ولا يمنع منه الشيخ بكر ، حفظه الله ، كما هو واضح من كلامه ، ولا نعلم غيره من أهل العلم كرهه أو منع منه .
وأما إن كان لفظ التحية بصيغة الجمع ، نحو : لك تحياتي ، أو نحو ذلك ، فهذا هو الذي يظهر أن الشيخ بكر ـ حفظه الله ـ يمنع منه .
وأما من رخص في استعمال لفظ التحيات ، حتى بصورة الجمع ، كما ذهبنا إليه في الأجوبة السابقة ، فإنما مراده الترخيص في هذا الجمع ، مضافا إلى قائله : تحياتي ، أو : تحياتنا ، أو نحو ذلك . ومعنى ذلك : أنه ليس لهذا من التحية إلا ما أهديه إليه ، أو ما أملكه أنا وأستطيعه ، وأما التحية العامة المطلقة ، من أهل السماء وأهل الأرض ، فإنما هي لله وحده ، كما يدل عليه لفظ التحيات المجموع من غير إضافة : التحيات لله . فإضافة التحيات للقائل هي من علامات تخصصها وقصورها ، وأما العموم فهو لله وحده .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
التحيات : جمع تحيَّة ، والتحيَّة هي : التَّعظيم ، فكلُّ لَفْظٍ يدلُّ على التَّعظيم : فهو تحيَّة ، و" الـ " مفيدة للعموم ، وجُمعت لاختلاف أنواعها ، أما أفرادها : فلا حدَّ لها ، يعني : كُلَّ نوع من أنواع التَّحيَّات : فهو لله ، واللام هنا : للاستحقاق ، والاختصاص ؛ فلا يستحقُّ التَّحيَّات على الإطلاق إلا الله ، ولا أحد يُحَيَّا على الإطلاق إلا الله ، وأمَّا إذا حَيَّا إنسانٌ إنساناً على سبيل الخصوص : فلا بأس به .
لو قلت مثلاً : لك تحيَّاتي ، أو لك تحيَّاتُنَا ، أو مع التحيَّة : فلا بأس بذلك ، قال الله تعالى : ( وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا) النساء/ 86 ، لكن التَّحيَّات على سبيل العموم والكمال : لا تكون إلا لله .
فإذا قال قائل : هل اللَّهُ بحاجة إلى أن تحييه ؟ .
فالجواب : كلَّا ؛ لكنه أهْلٌ للتعظيم ، فأعظِّمه لحاجتي لذلك لا لحاجته لذلك ، والمصلحة للعبد ، قال تعالى : ( إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ) الزمر/ 7 .
" الشرح الممتع " ( 3 / 146 ، 147 ) .
على أننا ننبه أخانا السائل الكريم إلى أننا إذا تبنينا قولا ، أو فتوى في مسألة ، أو ذكرنا قولا لعالم ، فليس معنى ذلك أن كل العلماء يقول بذلك ، أو أن أحدا من أهل العلم لا يخالف في هذه المسألة ، بل ما زال أهل العلم يختلفون فيما هو أظهر من ذلك ، وفيما هو أكبر من ذلك ، وإنما الذي يشكل على قول العالم ، أو فتوى المفتي ، هو أن يخالف نصا شرعيا ، أو دليلا ثابتا في المسألة التي يتكلم فيها .
والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب