الحمد لله.
إذا كانت البضاعة التي تتعاقدون على بيعها بعد أشهر مواد خام (في صورتها الأولية) ولم تجر عليها أية عمليات صناعية فهذا العقد يسمى "بيع السَّلَم" وهو جائز ، ومن شروط جوازه : تسليم الثمن كاملاً في مجلس العقد ، فلا يجوز تأجيل بعض الثمن ، وإذا استلمتم الثمن فهو ملككم تتصرفون فيه كما تشاؤون .
وأما إذا كانت البضاعة مصنعة – وهو الغالب – أي : جرت عليها عمليات تصنيع ، كالثياب والسيارات ، والأجهزة والأثاث ، والمفروشات .. إلخ فهذا العقد يسمى "عقد الاستصناع" وهو جائز أيضاً ، ومعنى عقد الاستصناع أن يتفق المشتري مع البائع أن يبيع له شيئاً مصنوعاً ، بالمواصفات التي يتفقان عليها .
ولا يشترط في عقد الاستصناع أن يقدم الثمن كله أو بعضه ، فيجوز تقديم الثمن أو تأجيله أو تقسيطه ، حسب الاتفاق .
وإذا استلمتم الثمن فهو ملككم تتصرفون فيه وتتاجرون به كما تشاؤون ، ولا يلزمكم استئذان المشتري منكم .
وحقيقة الدور الذي تقومون به ، يسميه المعاصرون "الاستصناع الموازي" ومعناه : أن يعقد الشخص عقدين للاستصناع ، يكون في أحدهما بائعاً (صانعاً) ويكون في الآخر مشترياً (مسْتَصْنِعاً) ثم يأخذ السلعة من البائع له ويسلمها إلى المشتري ، وهو عقد جائز .
ولا حرج أن تتفق مع المشتري على زيادة 5% على الثمن الأصلي ، أو دولار لكل قطعة ، إذا كان عدد القطع معلوماً ، والثمن الأصلي معلوماً ، حتى لا يقع نزاع بعد ذلك في تحديد الثمن .
وقد ذكرنا قرار المجمع الفقهي الخاص بعقد الاستصناع في جواب السؤال رقم (2146) .
وهذه هي الكيفية الممكنة لتصحيح معاملاتكم ، أما عقد الوكالة فلا يصح أن تتعاقدوا على أن تكونوا وكلاء للتاجر في بلدكم لتشتروا له بضاعة مقابل أجر معلوم ، كخمسة في المائة مثلاً أو دولار مقابل كل سلعة ، وذلك لأن الوكيل مؤتمن غير ضامن ، فلا يضمن ما يتلف من غير تعد منه أو تفريط ، فإذا تلفت هذه البضائع قبل قبض التاجر لها من غير تفريط ولا تعد منكم فإن عقد الوكالة يقتضي أن لا تضمنوا هذه البضائع ، وواقعكم على خلاف هذا .
أضف إلى ذلك : أنكم إذا كنتم وكلاء فإن المال الذي تأخذونه منه كثمن للبضائع يعتبر أمانة في أيديكم قبل أن تسلموه للمصنع ، وليس ملكاً لكم ، فليس لكم أن تتصرفوا فيه ، وواقعكم يخالف هذا أيضا .
وبهذا يتبين أن ما تتعاملون به لا يستقيم أن يكون عقد الوكالة إلا إذا التزمتم بآثار عقد الوكالة ، وهو ما لا يتأتى مع الواقع .
والله أعلم .
تعليق