الحمد لله.
لا تخلو وظيفة " المحاسب القانوني " من مخالفات شرعية ، ويتمثل ذلك في :
1. التعاون على الإثم والعدوان ، ويتمثل ذلك بكتابة الحسابات المتعلقة بالشركات والمصانع والمؤسسات التي تبيع وتشتري وتصنع ما حرَّم الله تعالى ، كمصانع الخمور أو الدخان والفنادق السياحية التي تقر الرذيلة وتشجع عليها .
قال الله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) المائدة/ 2 .
2. كتابة الربا ، وتوثيقه ، فلا تكاد تخلو شركة أو مؤسسة في حساباتها من قروض ربوية ، أو حسابات ربوية في البنوك ، ووظيفة " المحاسب " تتعلق بكتابة هذه الحسابات والأرصدة وقد (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : آكِلَ الرِّبَا ، وَمُؤْكِلَهُ ، وَكَاتِبَهُ ، وَشَاهِدَيْهِ . وَقَال َ: هُمْ سَوَاءٌ) رواه مسلم ( 1598 ) .
ولا تخلو فتاوى العلماء من الإشارة إلى كلا الأمرين أو أحدهما في الحكم على وظيفة " المحاسب " إلا أن يبيِّن أن عمله ليس فيه ما يخالف الشرع ، فيكون مباحاً .
وهذه طائفة من فتاوى العلماء في حكم هذا العمل :
1. سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
لدي مكتب " محاسب قانوني " ، نقوم فيه بعمل مراجعة البيانات المالية للمؤسسات ، والشركات ، من واقع الدفاتر المحاسبية التي لدى المؤسسة ، وذلك بغرض إظهار نتيجة المراجعة في نهاية السنة المالية في شكل ميزانيات ، وتقارير عن الوضع المالي للمؤسسة ، لتقديمها عن طريق المؤسسة لإحدى الدوائر الحكومية ، أو لأحد البنوك ، أو لمصلحة الزكاة والدخل ، وكذلك نقوم بعملنا خلال السنة للمراقبة على أموال المؤسسة من التلاعب والاختلاسات ، ولدي بعض الأسئلة أرجو من سماحتكم الرد عليها :
1. قد يظهر لي بعض حسابات المؤسسات في بنود الميزانية حسابات مع البنوك ، وتكون هذه الحسابات دائنة ، أي : مطالَبة بها المؤسسة نتيجة لحصولها على قرض من هذا البنك ، أو نتيجة سحبها أكثر من رصيدها ، مما يترتب عليه أن يقوم البنك بأخذ فوائد على ذلك ، أي : ربا ، وبطبيعة عملنا فإننا نقوم بإظهار هذا الحساب مع بقية الحسابات الأخرى في الميزانية ، وذلك من واقع دفاتر وسجلات المؤسسة ، وكشوف البنك ، ولا نستطيع إسقاطه من بقية الحسابات ، ويجب إظهاره لكي تعبر الميزانية عن الواقع الحقيقي للمؤسسة ، فهل علينا إثم في ذلك ، وهل نعتبر من الشاهدين على الربا ؟ .
2. ما حكم إعداد هذه الميزانيات لهذه المؤسسات ، إذا كان المكتب يعلم أنها ستقدم إلى البنك للحصول على قرض ، ولكن المكتب يقدمها للمؤسسة وصاحب المؤسسة يقدمها للبنك ؟ .
3. قمنا بدراسة لإحدى المؤسسات بناء على طلب هيئة فض المنازعات التجارية ، عن حسابات المؤسسة مع البنك ، وذلك من واقع كشوف البنك المقدمة من البنك للمؤسسة ، فقمنا بإظهار رصيد المؤسسة بدون العمولات ، ورصيد المؤسسة بالعمولات ، وتم تقديمه للمؤسسة لكي تقدمها للهيئة ، وبحمد الله لم تدفع المؤسسة إلا القليل من تلك الفوائد ، فهل يجور عمل مثل تلك الدراسات بالنسبة لمكتبنا ؟ مع العلم أننا قمنا بعمل دراستين مثل ذلك .
فأجابوا :
"لا يجوز لك أن تكون محاسباً لما ذكرت في السؤال ؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 15 / 20 – 22 ) .
2. وسئلوا – أيضاً - :
إني أعمل عند رجل يتاجر في أعلاف الدواجن ، ولكن يقترض من البنوك مبالغ للمتاجرة فيها مقابل فائدة متفق عليها ، وأعمل محاسباً ، وبحكم عملي : أقوم بتسجيل عمولة البنك ، وفائدة البنك التي يفرضها علينا بحكم العقد ، فما حكم الدِّين في عملي ؟ .
فأجابوا :
"لا يجوز لك ذلك العمل ؛ لما فيه من التعاون على الإثم والعدوان ؛ ولأن الذي يعمل في ذلك يشمله الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أنه لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه ) أخرجه مسلم في صحيحه" انتهى .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 15 / 11 ، 12 ) .
3. وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
أنا محاسب لدى شركة تجارية ، وتضطر هذه الشركة للإقراض من البنك قرضاً ربويّاً ، وتأتيني صورة من عقد القرض لإثبات مديونية الشركة ، بمعنى هل أعتبر آثما بقيد العقد دون إبرامه ؟ .
فأجاب :
"لا يجوز التعاون مع الشركة المذكورة في المعاملات الربوية ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ( لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال : هم سواء ) رواه مسلم ؛ ولعموم قوله سبحانه : ( وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) المائدة/ 2" انتهى .
" فتاوى الشيخ ابن باز " ( 19 / 190 ) .
وانظر فتوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في هذه الوظيفة ، في جواب السؤال رقم : ( 11315 ) .
وانظر تفصيلاً وافياً : في جواب السؤال رقم : ( 103181 ) .
والله أعلم
تعليق