الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

إذا أوتر بركعة واحدة، فماذا يقرأ فيها؟

112638

تاريخ النشر : 07-04-2008

المشاهدات : 233108

السؤال

أريد معرفة صلاة الوتر ذات الركعة الواحدة ما الآية التي تقرأ فيها هل تقرأ سورة ( سبح اسم ربك الأعلى ) ، أم سورة ( الإخلاص ) ، أم سورة ( الكافرون ) أم تقرأ الثلاث السور كلها ؟

الجواب

الحمد لله.


السنة لمن أوتر بثلاث ركعات أن يقرأ في الأولى بعد الفاتحة : "سبح اسم ربك الأعلى" ، وفي الثانية : "قل يا أيها الكافرون" ، وفي الثالثة : "قل هو الله أحد" .
ودليل ذلك ما رواه أحمد (2715) والترمذي (462) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوتِرُ بِثَلَاثٍ : بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ، وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ، وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وروى النسائي (1730) وابن ماجه (1171) عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنهما قَالَ : (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوتِرُ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ، وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
واستحب بعض الأئمة أن يقرأ المعوذتين بعد سورة الإخلاص في الركعة الثالثة . واستدلوا بما رواه الترمذي (463) عن عائشة رضي الله عنها أنها سئلت : بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ يُوتِرُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فقَالَتْ : (كَانَ يَقْرَأُ فِي الْأُولَى بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ، وَفِي الثَّانِيَةِ بِقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ، وَفِي الثَّالِثَةِ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ) .
وقد صحح هذا الحديث : الحاكم ووافقه الذهبي ، وحسنه الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وضعفه الإمام أحمد ويحيى بن معين والعقيلي والشوكاني وغيرهم .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (2/599) :
"ويستحب أن يقرأ في ركعات الوتر الثلاث ، في الأولى بـ (سبح) ، وفي الثانية : (قل يا أيها الكافرون) ، وفي الثالثة : (قل هو الله أحد) وبه قال الثوري وإسحاق وأصحاب الرأي ، وقال الشافعي : يقرأ في الثالثة : (قل هو الله أحد) والمعوذتين ، وهو قول مالك في الوتر ، وقال في الشفع : لم يبلغني فيه شيء معلوم ، وقد روي عن أحمد أنه سئل : يقرأ بالمعوذتين في الوتر ؟ قال : ولِمَ لا يقرأ ؟...
وحديث عائشة في هذا لا يثبت ، فإنه يرويه يحيى بن أيوب وهو ضعيف ، وقد أنكر أحمد ويحيى بن معين زيادة المعوذتين" انتهى .
وقول الإمام أحمد رحمه الله : ولِمَ لا يقرأ ؟ يعني : مع ضعف الحديث ، فلا حرج عليه إذا قرأ المعوذتين مع قل هو الله أحد في الركعة الثالثة ، وإن كان الأصح أن يقتصر على (قل هو الله أحد) فقط .
وبالرغم من ورود حديث ابن عباس وأبي بن كعب وعائشة رضي الله عنهما في قراءة الرسول صلى الله عليه وسلم هذه السور الثلاثة فقد اختلف العلماء في ذلك ، فذهب أبو حنيفة إلى أنه يقرأ في الوتر ما يشاء ، وكذا الإمام مالك ، في ركعتي الشفع ـ كما ذكره ابن قدامة عنه ، وقد نقلناه آنفاً.
وهو قول بعض التابعين كإبراهيم النخعي رحمه الله ، فقد روى عبد الرزاق في "المصنَّف" (3/34) عن إبراهيم النخعي قال : اقرأ فيهن ما شئت ، ليس فيهن شيء موقوت.أي : محدد .
وجاء في " المدونة " ( 1 / 212 ) :
وقال مالك : الوتر واحدة ، والذي أقر به وأقرأ به فيها في خاصة نفسي : ( قل هو الله أحد ) ، و ( قل أعوذ برب الفلق ) ، و ( قل أعوذ برب الناس ) في الركعة الواحدة مع أمِّ القرآن : قال ابن القاسم : وكان لا يفتي به أحدا ، ولكنه كان يأخذ به في خاصة نفسه . انتهى.
وظاهر هذا ، أنه لم يثبت شيء عند الإمام مالك رحمه الله في القراءة في الوتر ، وإلا كان أفتى به .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (27/298) :
"ما يقرأ في صلاة الوتر .. اتفق الفقهاء على أنه يقرأ في كل ركعة من الوتر الفاتحة وسورة. والسورة عند الجمهور سنة ... ثم ذهب الحنفية إلى أنه لم يوقت في القراءة في الوتر شيء غير الفاتحة , فما قرأ فيه فهو حسن , وما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه قرأ به في الأولى بسورة (سبح اسم ربك الأعلى) , وفي الثانية بـ (الكافرون) وفي الثالثة (بالإخلاص) , فيقرأ به أحيانا , ويقرأ بغيره أحيانا للتحرز عن هجران باقي القرآن . وذهب الحنابلة إلى أنه يندب القراءة بعد الفاتحة بالسور الثلاث المذكورة ... وذهب المالكية والشافعية إلى أنه يندب في الشفع (سبح , والكافرون) , أما في الثالثة فيندب أن يقرأ بسورة الإخلاص , والمعوذتين)" انتهى .
وإذا كان قد وقع الاختلاف مع ورود هذه الأحاديث في قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الوتر بثلاث ، فأولى أن يقع الاختلاف في القراءة إذا أوتر بركعة واحدة .
ويمكننا حصر أقوى ما ينبغي أن يقال في قراءة الركعة الواحدة من الوتر في قولين :
1. الإخلاص ، أو الإخلاص والمعوذتان – عند من يصحح حديثهما - .
2. التخيير ، فيقرأ ما يشاء ، وهذا أكثر ما ورد عن السلف .
وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى ركعة الوتر ، وقرأ فيها بمائة آية من النساء، ولم يقرأ فيها بقل هو الله أحد .
فعن أبي مجلز أن أبا موسى : كان بين مكة والمدينة فصلَّى العشاء ركعتين ، ثم قام فصلى ركعة أوتر بها فقرأ فيها بمائة آية من النساء ، ثم قال : ما ألوت أن أضع قدمي حيث وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم قدميه ، وأنا أقرأ بما قرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم .
رواه النسائي ( 1728 ) وصححه الألباني في " صحيح النسائي " ، وهناك كلام لبعض أهل العلم في سماع أبي مجلز من أبي موسى ، وقد اعتمدنا ها هنا تصحيح الشيخ الألباني .
ومعنى " ألَوت " : أي : قصَّرت .
وقد نقل ابن حجر الهيتمي رحمه الله عن البلقيني أن من أوتر بغير ثلاث يقرأ بما يشاء ، غير أن ابن حجر توقف في ذلك . فقال رحمه الله في " تحفة المحتاج في شرح المنهاج " (2/227) :
"ويسنُّ في الأولى : قراءة " سبح " ، وفي الثانية " الكافرون " ، وفي الثالثة : " الإخلاص " ، و " المعوذتين " ؛ للاتباع ، وقضيته : أن ذلك إنما يسن إن أوتر بثلاث ؛ لأنه إنما ورد فيهن.
ولو أوتر بأكثر : فهل يسنُّ ذلك في الثلاثة الأخيرة فَصَلَ ، أو وَصَلَ ؟ محل نظر ، ثم رأيتُ البلقيني قال : " إنه متى أوتر بثلاث مفصولة عما قبلها كثمان أو ست أو أربع : قرأ ذلك في الثلاثة الأخيرة ، ومن أوتر بأكثر من ثلاث موصولة : لم يقرأ ذلك في الثلاثة ، أي : لئلا يلزم خلو ما قبلها عن سورة ، أو تطويلها على ما قبلها ، أو القراءة على غير ترتيب المصحف ، أو على غير تواليه ، وكل ذلك خلاف السنَّة " اهـ .
نعم ، يمكن أن يقرأ فيما لو أوتر بخمس – مثلاً - : " المطففين " و " الانشقاق " في الأولى ، و " البروج " و " الطارق " في الثانية ، وحينئذ لا يلزم شيء من ذلك .انتهى .
والذي نراه أن تعليل البلقيني رحمه الله فيه نظر ، وقد ردَّ عليه بسهولة الهيتمي رحمه الله ، وكان اللائق أن يقول في السبب المانع من القراءة بما ورد في الثلاث إن صلَّى بأكثر منها : بأنه " إنما ورد فيهن " وهي عبارة الهيتمي نفسها في أول كلامه .
وقال ابن حزم في "المحلى" (3/50) :
"ويقرأ في الوتر بما تيسر من القرآن مع أم القرآن ، وإن قرأ في الثلاث ركعات مع أم القرآن بسبح اسم ربك الأعلى وقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد : فحسن ، وإن اقتصر على أم القرآن فحسن ، وإن قرأ في ركعة الوتر مع أم القرآن بمائة آية من النساء فحسن ، قال تعالى ( فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) المزمل/20" انتهى .
والخلاصة :
الذي يظهر لنا فيمن أوتر بركعة واحدة أنه يقرأ ما يشاء بعد الفاتحة ، وليس هناك قراءة معينة وردت بها السنة ، وإذا قرأ بقل هو الله أحد فلا حرج عليه .
والله أعلم

 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب