الثلاثاء 25 جمادى الأولى 1446 - 26 نوفمبر 2024
العربية

هل تؤجر الأم على الولادة بعملية يستعمل فيها المخدر؟

112702

تاريخ النشر : 20-01-2008

المشاهدات : 58316

السؤال

سؤالي حول الولادة وما ورد في أجرها للمرأة ، أريد أن أعرف ما صح عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم فيها ، وهل يصح أن نترك ما ظهر الآن من مخدِّرٍ موضعي ( إبرة الظهر ) حتى نؤجر على الولادة ؟ وهل من تأخذ هذا المخدر لا أجر لها كما يتوارد بين العامة ؟

الجواب

الحمد لله.


تتحمل المرأة من آلام الولادة الشيء الكثير ، وقد أشار الله تعالى إلى ذلك في قوله :  وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا  الأحقاف/15 .
قال ابن كثير رحمه الله :
" أي : بمشقة من الطلق وشدته " انتهى من"تفسير القرآن العظيم" (7/280) .
وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله :
" ومعنى : " وضعته كرهاً " : أنها في حالة وضع الولد تلاقي من ألم الطلق وكربه مشقة شديدة كما هو معلوم . وهذه المشاق العظيمة التي تلاقيها الأم في حمل الولد ووضعه ، لا شك أنها يعظم حقها بها ، ويتحتم برها والإحسان إليها كما لا يخفى " انتهى  من"أضواء البيان" (7/326).
غير أن ذلك لا يقتضي منع المرأة من اتخاذ التدابير المخففة من آلام الوضع ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم :  لم يكن يخير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ، ما لم يكن إثماً  رواه البخاري (3560) .
فالمسلم يسعى في إزالة كل ما يؤذيه أو يضره ، فإذا قَدَّر الله عليه من الشدة ما لا يجد لها مخرجاً ، فالواجب عليه أن يصبر على قدر الله تعالى .
وهذا كلامٌ لابن مسعود رضي الله عنه يبين هذا المعنى :
عن عبد الرحمن بن غنم قال : سألت معاذ بن جبل : "أأتسوك وأنا صائم ؟ قال : نعم . قلت : أي النهار أتسوك ؟ قال : أي النهار شئت ، إن شئت غدوة ، وإن شئت عشية . قلت : فإن الناس يكرهونه عشية ، قال : ولم ؟ قلت : يقولون إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :   لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك  فقال : سبحان الله ! لقد أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسواك حين أمرهم وهو يعلم أنه لا بد أن يكون بفي الصائم خلوف وإن استاك ، وما كان بالذي يأمرهم أن ينتنوا أفواههم عمدا ، ما في ذلك من الخير شيء ، بل فيه شر ، إلا من ابتلي ببلاء لا يجد منه بدا . قلت [أي عبد الرحمن بن غنم] : والغبار في سبيل الله أيضا كذلك ، إنما يؤجر فيه من اضطر إليه ولم يجد عنه محيصاً ؟ قال : نعم ، وأما من ألقى نفسه في البلاء عمدا فما له من ذلك من أجر " .
رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (20/70) وقال ابن حجر في "التلخيص الحبير" (2/202) : بإسناد جيد .
فلا حرج على المرأة أن تأخذ ما يخفف عنها آلام الولادة ، بل هذا أقرب إلى مقاصد الشرع ، لما فيه من التخفيف والتيسير .
وانظري جواب السؤال رقم (110531) فقد نقلنا فيه فتوى الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في ذلك .
وأما من حيث الأجر ، فأمر ذلك إلى الله تعالى .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب