الحمد لله.
أولاً:
يجب عليك أولاً وقبل كل شيء ترك الصحبة السيئة ؛ فإنها لا خير فيها لك ، لا لدينك ، ولا لدنياك ، وانظر لنفسك أين أوصلتك تلك الصحبة الفاسدة ، وقارن بحالك قبل أن تتعرف إليها ، وتختلط بها .
قال الله تعالى : ( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا . يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا . لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ) الفرقان/ 27 – 29 .
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله – :
وهذه الآية الكريمة تدل على أن قرين السوء قد يُدخل قرينه النار ، والتحذير من قرين السوء مشهور معروف ، وقد بيَّن جل وعلا في سورة " الصافات " : أن رجلاً من أهل الجنة أقسم بالله أن قرينه كاد يرديه ، أي : يهلكه بعذاب النار ، ولكن لطَف الله به ، فتداركه برحمته وإنعامه ، فهداه ، وأنقذه من النار ، وذلك في قوله تعالى : ( قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ . يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ المصدقين ) إلى قوله تعالى : ( فاطلع فَرَآهُ فِي سَوَآءِ الجحيم قَالَ تالله إِن كِدتَّ لَتُرْدِينِ وَلَوْلاَ نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ المحضرين ) الصافات/ 51 – 57 .
" أضواء البيان " ( 6 / 82 ) .
وانظر جوابي السؤالين : ( 82287 ) و ( 26118 ) .
ثانياً:
وجودك في أماكن فعل المعاصي يجعلك شريكاً في كل إثم يُفعل فيها ، فلا يعفيك من الإثم قولك إنك لا تشاهد مع أصحابك الأفلام الخليعة ، وكل ما يفعلونه من محرمات ، كتلك المشاهدات المحرمة للأفلام الساقطة ، والتدخين ، والشيشة ، ولعب الورق ، وغير ذلك مما يفعلونه من محرمات فأنت شريك معهم في كل هذه المنكرات ؛ لأن الله تعالى قد أمرك بهجر هذه الأماكن التي يُعصى فيها ، وتنتهك فيها محارمه ، وقد حكم الله تعالى على من اختلط بهم لا للنصيحة ، ولا كونه مكرها : بأنه مثلهم ! ، قال تعالى : ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً ) النساء/ 140 .
قال الإمام الطبري – رحمه الله - :
وقوله : ( إنكم إذًا مثلهم ) ، يعني : وقد نزَّل عليكم أنكم إن جالستم من يكفر بآيات الله ، ويستهزئ بها ، وأنتم تسمعون : فأنتم مثله ، يعني : فأنتم إن لم تقوموا عنهم في تلك الحال: مثلُهم في فعلهم ؛ لأنكم قد عصيتم الله بجلوسكم معهم وأنتم تسمعون آياتِ الله يكفر بها ، ويستهزأ بها ، كما عصوه باستهزائهم بآيات الله ، فقد أتيتم من معصية الله نحو الذي أتَوْه منها ، فأنتم إذًا مثلهم في ركوبكم معصية الله ، وإتيانكم ما نهاكم الله عنه .
وفي هذه الآية الدلالة الواضحة على النهي عن مجالسة أهل الباطل من كل نوع ، من المبتدعة ، والفسَقة ، عند خوضهم في باطلهم .
وبنحو ذلك كان جماعة من الأئمة الماضين يقولون ، تأوُّلا منهم هذه الآية أنه مرادٌ بها النهي عن مشاهدة كل باطل عند خوض أهله فيه .
" تفسير الطبري " ( 9 / 320 ) .
ثالثاً:
الاستمناء حرام ، وهو مؤثر سلباً على النفس ، والبدن ، وقد حذَّر العلماء والأطباء من تلك الآثار السيئة .
انظر جواب الأسئلة (329)
رابعاً:
نحمد الله أن وفقك لكتابة هذه الرسالة ، فبكتابتها قد حصل لك نوع من التنفيس لهمك وغمك ، ونرجو من الله عز وجل أن يمن عليك بالفرج التام ، والراحة والنعيم ، وأن تكون نصائحنا التالية عونا لك على ذلك :
1. الصبر على الطاعة ، والاستعفاف عن فعل الحرام ، حتى ييسر الله أمرك ، وإياك أن تبارز الله بالمعاصي والآثام ، وإلا صارت حياتك نكداً وازدادت همومك وغمومك ، بل تقرَّب إلى الله بالطاعات ، وداوم على الدعاء ، واجتنب كل ما لا يحبه الله ، تُدخل السعادة إلى قلبك ، ومن صلح قلبه صلحت جوارحه .
قال تعالى : ( وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ) النور/ من الآية 33 .
قال الإمام الطبري – رحمه الله - :
يقول تعالى ذكره : ( وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ) ما ينكحون به النساء ، عن إتيان ما حرَّم الله عليهم من الفواحش ، حتى يغنيهم الله من سعة فضله ، ويوسِّع عليهم من رزقه .
" تفسير الطبري " ( 19 / 166 ) .
2. السعي بشدة وقوة في أمر تزوجك ، وعدم تأخير ذلك ، فبالزواج يحفظ المسلم بصره وفرجه من الوقوع في الحرام .
3. احرص على بر والديك ، واسع في كسب رضاهما ، وخاصة الوالدة ، وما ذكرتَه عنها إنما هو لها لا عليها ، فهي لم تقصر في البحث عن زوجة ، وقد ذهبت بالفعل للخطبة لك ، وما فهمتْه من جملتك " إن ذنبي عليها " : هو الفهم الصحيح لها ، وتأويلك لها بعيد ، فهي معذورة في فهمها ، وردها كان صحيحاً وهو " ذنبك على جنبك " ؛ فأنت من يتحمل الإثم إن فعلتَ معصية ، أو ارتكبت محرَّماً .
واقطع مقاطعتك لوالديك في أمر الزواج ، فهو قرار خطأ منك ، ولن يزيدك إلا عناء ، فأعد الكرة عليهم مرات ومرات ، وابحث أنت بنفسك عن زوجة صالحة ، ولا نظن بوالديك إلا أنهما يريدان الخير لك .
وانظر جواب السؤال رقم : ( 5053 ) ففيه بيان حق أمك عليك ، وحقك عليها ، وبيان مدى استقلاليتك عن والديك .
3. امتنع عن السهر ، واحرص على ما ينفعك ، ولا تهدر طاقتك ونشاطك فيما لا يرجع عليك إلا بالضرر .
4. اتق الله تعالى في بصرك أن يُطلق في الحرام ، وتوقف عن ممارسة العادة السرية السيئة ، واعلم أن الله تعالى يراك ، ويسمعك ، فلا تفعل ما لا يحب الله منك أن تفعله ، ولا تتكلم بما لا يحب الله منك قوله .
وانظر جواب السؤال رقم : (33651 ) ففيه بيان وسائل مواجهة فتنة النساء .
5. داوم على الأذكار الشرعية ، والأوراد الصباحية والمسائية ، والجأ إلى الله بصدق وإخلاص أن يفرج كربك ، وييسر لك زوجة صالحة .
06 أخشى ما نخشاه عليك أن تكون لك مواصفات مبالغ فيها في المرأة التي تريدها ، فالذي ننصحك به ، أيها الأخ الكريم : اظفر بذات الدين ، كما نصحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليس من شرط ذات الدين أن تكون حافظة لكتاب الله ، أو كذا أو كذا ، بل أن تكون مأمونة على دينها وعرضها ، واحرص أن تكون من بيت طيب ، دع أن تكون أسرة غنية أو كبيرة .
نسأل الله أن يهديك لما يحب ويرضى ، ونرجو أن تبشرنا إن يسر الله زواجاً تحفظ به نفسك ، وأن تبشرنا بتغير حالك إلى ما هو أحسن وأفضل .
والله أعلم
تعليق