الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

أول وقت صلاة الجمعة

114859

تاريخ النشر : 25-03-2008

المشاهدات : 210858

السؤال

هل هناك دليل من القرآن أو السنة على جواز تأدية خطبة وصلاة الجمعة قبل وقت صلاة الظهر؟ مثلا صلاة الظهر تبدأ الواحدة. وخطبة الجمعة تبدأ الثانية عشرة، وصلاة الجمعة تنتهي قبل الواحدة. هل هناك أي شروط أو حالات تجوز هذا؟

ملخص الجواب

اختلف أهل العلم في أول وقت صلاة الجمعة على قولين: القول الأول: زوال الشمس، كوقت صلاة الظهر، ولا تجوز الجمعة قبله. والقول الثاني: تجوز قبل الزوال، يعني أن بداية وقتها يسبق بداية وقت الظهر. وينظر الجواب المطول لمزيد من التفصيل.

الجواب

الحمد لله.

اختلف أهل العلم في أول وقت صلاة الجمعة على قولين:
القول الأول: زوال الشمس،
كوقت صلاة الظهر، ولا تجوز الجمعة قبله.
وهذا قول جماهير أهل العلم من الحنفية والمالكية والشافعية، وعزاه النووي لجمهور الصحابة والتابعين ومن بعدهم. بل قال الإمام الشافعي رحمه الله: "ولا اختلاف عند أحد لقيته أن لا تصلى الجمعة حتى تزول الشمس" انتهى من"الأم" (1/223).
واستدلوا بحديثين صريحين صحيحين:

  1. عن أنس بن مالك رضى الله عنه: (أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّى الْجُمُعَةَ حِينَ تَمِيلُ الشَّمْسُ) رواه البخاري (904)، وبوَّب عليه رحمه الله بقوله: "باب وقت الجمعة إذا زالت الشمس، وكذلك يروى عن عمر وعلي والنعمان بن بشير وعمرو بن حريث رضي الله عنهم" انتهى.

  2. عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: (كُنَّا نُجَمِّعُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ نَرْجِعُ نَتَتَبَّعُ الْفَيْءَ) رواه مسلم (860).

القول الثاني: تجوز قبل الزوال، يعني أن بداية وقتها يسبق بداية وقت الظهر. وهذا قول الإمام أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه. وانظر في "الإنصاف" (2/ 375، 376) خلاف الحنابلة في ضبط بداية وقت الجمعة، بارتفاع الشمس قيد رمح، أو في الساعة الخامسة، أو في الساعة السادسة.
واستدل من ذهب إلى ذلك بهذه الأحاديث:

  1. عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: (كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ نَرْجِعُ فَنُرِيحُ نَوَاضِحَنَا) قَالَ حَسَنٌ: فَقُلْتُ لِجَعْفَرٍ: فِي أَيِّ سَاعَةٍ تِلْكَ؟ قَالَ: زَوَالَ الشَّمْسِ. رواه مسلم (858).

  2. وعن سهل رضي الله عنه قال: (مَا كُنَّا نَقِيلُ وَلَا نَتَغَدَّى إِلَّا بَعْدَ الْجُمُعَةِ) رواه مسلم (859).

  3. وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: (كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُمُعَةَ فَنَرْجِعُ وَمَا نَجِدُ لِلْحِيطَانِ فَيْئًا نَسْتَظِلُّ بِهِ) رواه البخاري (4168)، ومسلم (860) واللفظ له.

وهذه الأحاديث ليست نصا على أن الصلاة كانت قبل الزوال، بل في بعضها دلالة أيضا للقول الأول، كما في حديث جابر بن عبد الله، ولذلك فقد بوَّب عليها الإمام النووي في صحيح مسلم بقوله (2/587): (باب صلاة الجمعة حين تزول الشمس).
وكذلك حديث سلمة قد سبق له رواية في القول الأول: (أن ذلك كان إذا زالت الشمس).
قال الإمام النووي رحمه الله:
"الجواب عن احتجاجهم بحديث جابر وما بعده أنها كلها محمولة على شدة المبالغة في تعجيلها بعد الزوال من غير إبراد ولا غيره، هذا مختصر الجواب عن الجميع، وحملنا عليه الجميع من هذه الأحاديث من الطرفين، وعمل المسلمين قاطبة أنهم لا يصلونها إلا بعد الزوال. وتفصيل الجواب أن يقال:

حديث جابر فيه إخبار أن الصلاة والرواح إلى جمالهم كانا حين الزوال لا أن الصلاة قبله. والجواب عن حديث سلمة: أنه حجة لنا في كونها بعد الزوال؛ لأنه ليس معناه أنه ليس للحيطان شيء من الفيء، وإنما معناه ليس لها فيء كثير بحيث يستظل به المار.

وأوضح منه الرواية الأخرى: (نتتبع الفيء) فهذا فيه تصريح بوجود الفيء، لكنه قليل، ومعلوم أن حيطانهم قصيرة وبلادهم متوسطة من الشمس، ولا يظهر هناك الفيء بحيث يستظل به إلا بعد الزوال بزمان طويل.

وأما حديث سهل: (ما كنا نقيل ولا نتغذى إلا بعد الجمعة) (فمعناه): أنهم كانوا يؤخرون القيلولة والغداء في هذا اليوم إلى ما بعد صلاة الجمعة؛ لأنهم ندبوا إلى التبكير إليها، فلو اشتغلوا بشيء من ذلك قبلها خافوا فوتها أو فوت التبكير إليها.
ومما يؤيد هذا ما رواه مالك في الموطأ بإسناده الصحيح عن عمر بن أبي سهل بن مالك، عن أبيه قال: كنت أرى طنفسة لعقيل بن أبي طالب تطرح يوم الجمعة إلى جدار المسجد الغربي، فإذا غشي الطنفسة كلها ظل الجدار خرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ثم نخرج بعد صلاة الجمعة فنقيل قائلة الضحى" انتهى من "المجموع" (4/ 511، 512).

وانظر تفصيلا في تقرير قول الجمهور عند الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (2/ 387، 388) بل نقل الحافظ ابن رجب في "فتح الباري" (كتاب الصلاة/باب وقت الجمعة إذا زالت الشمس) عن أبي طالب نقله عن الإمام أحمد أنه قال: "ما ينبغي أن يصلي قبل الزوال" انتهى. وانظر: "الموسوعة الفقهية" (27/197).
فالراجح هو قول جماهير أهل العلم، أن وقت الجمعة هو وقت الظهر نفسه، ولا شك أنه الأحوط والأبرأ للذمة.

يقول الشيخ ابن باز رحمه الله:
"الأفضل بعد زوال الشمس خروجا من خلاف العلماء؛ لأن أكثر العلماء يقولون لا بد أن تكون صلاة الجمعة بعد الزوال، وهذا هو قول الأكثرين.
وذهب قوم من أهل العلم إلى جوازها قبل الزوال في الساعة السادسة، وفيه أحاديث وآثار تدل على ذلك صحيحة، فإذا صلَّى قبل الزوال بقليل فصلاته صحيحة، ولكن ينبغي ألا تفعل إلا بعد الزوال، عملا بالأحاديث كلها، وخروجا من خلاف العلماء، وتيسيرا على الناس حتى يحضروا جميعا، وحتى تكون الصلاة في وقت واحد. هذا هو الأولى والأحوط" انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (12/ 391، 392).

ولمزيد الفائدة حول بعض الأحكام المتعلقة بوقت صلاة الجمعة، ينظر هذه الأجوبة: (118350)، (145262)، (147648) و(265090).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب