الحمد لله.
أولا :
المختلعة يلزمها الاستبراء بحيضة واحدة على الراجح ، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم ( 5163 ) .
ثانياً :
إذا ارتفع الحيض بسبب معلوم كالرضاع ، فالواجب انتظار رجوع الحيض لتعتد المرأة به وإن طالت المدة .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (11/216) :
"أَمَّا إذَا عَرَفَتْ أَنَّ ارْتِفَاعَ الْحَيْضِ بِعَارِضٍ ; مِنْ مَرَضٍ , أَوْ نِفَاسٍ , أَوْ رَضَاعٍ , فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ زَوَالَ الْعَارِضِ , وَعَوْدَ الدَّمِ وَإِنْ طَالَ , إلَّا أَنْ تَصِيرَ فِي سِنِّ الْإِيَاسِ , فَعِنْدَ ذَلِكَ تَعْتَدَّ عِدَّةَ الْآيِسَاتِ . وَقَدْ رَوَى الشَّافِعِيُّ , فِي مُسْنَدِهِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ حِبَّانَ بْنِ مُنْقِذٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلْقَةً وَاحِدَةً , وَكَانَتْ لَهَا مِنْهُ بُنَيَّةً تُرْضِعُهَا , فَتَبَاعَدَ حَيْضُهَا , وَمَرِضَ حِبَّانُ , فَقِيلَ لَهُ : إنَّك إنْ مِتَّ وَرِثَتْك . فَمَضَى إلَى عُثْمَانَ وَعِنْدَهُ عَلِيٌّ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ , فَقَالَ عُثْمَانُ لِعَلِيٍّ وَزَيْدٍ مَا تَرَيَانِ ؟ فَقَالَا : نَرَى أَنَّهَا إنْ مَاتَتْ وَرِثَهَا , وَإِنْ مَاتَ وَرِثَتْهُ ; لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْقَوَاعِدِ اللَّائِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ , وَلَا مِنْ الْأَبْكَارِ اللَّائِي لَمْ يَبْلُغْنَ الْمَحِيضَ . فَرَجَعَ حِبَّانُ إلَى أَهْلِهِ , فَانْتَزَعَ الْبِنْتَ مِنْهَا , فَعَادَ إلَيْهَا الْحَيْضُ , فَحَاضَتْ حَيْضَتَيْنِ , وَمَاتَ حِبَّانُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الثَّالِثَةِ , فَوَرَّثَهَا عُثْمَانُ رضي الله عنه" انتهى .
ولا يجوز الاكتفاء بالكشف الطبي الدال على براءة الرحم من الرحم ، بل لا بد من الاستبراء بحيضة .
فقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : ما رأيكم في الاستبراء عن طريق الكشف الطبي بالوسائل الحديثة ؟
فأجابوا :
"الله تعالى هو الذي شرع الشرائع في العبادات والأنكحة والمعاملات ، وله سبحانه كمال العلم بما كان وما سيكون ، ولم يشرع الاستبراء بطريق الكشف الطبي بالآلات الحديثة ( وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ) ، فلا يجزئ الاستبراء بذلك بدلا من الاستبراء أو الاعتداد بما عرف شرعا بالقرآن والسنة وشرحته كتب الفقه الإسلامي . وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ...
"فتاوى اللجنة الدائمة" (20/487) .
وعليه ، فإن هذه المرأة لا يجوز أن يعقد أحد نكاحها حتى تحيض حيضة ، ولو كان ذلك سيؤخر زواجها أشهرا ؛ والإنسان لا يعلم ما كتب له ، فقد يكون من الخير لها أن تتزوج هذا الرجل ، وقد لا يكون من الخير لها ذلك .
على أننا ننبه هنا إلى أنه لا يجوز الاتفاق مع هذا الرجل أو غيره ليتزوج بتلك المرأة وهي لا تزال في عصمة زوجها ، وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن يخطب المسلم على خطبة أخيه ، فكيف يجوز له أن يخطب امرأة في عصمة رجل آخر ؟!
فهذه المرأة تسعى في الطلاق أو الخلع من زوجها – إن شاءت – ثم إذا انقضت عدتها بحثت عن زوج ، أو تقدم لها من يريد الزواج منها .
ونسأل الله تعالى أن يوفقها لكل خير .
والله أعلم .
تعليق