الحمد لله.
أولاً :
لا حرج في إرضاع ابن الأخ أو الأخت أو غيره ؛ ليكون محرماً للمرضعة وأولادها ويسهل دخوله عليهم ، وقد كانت عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ( تَأْمُرُ بَنَاتِ أَخَوَاتِهَا وَبَنَاتِ إِخْوَتِهَا أَنْ يُرْضِعْنَ مَنْ أَحَبَّتْ عَائِشَةُ أَنْ يَرَاهَا وَيَدْخُلَ عَلَيْهَا ) رواه أبو داود (2061) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
ثانياً :
الرضاع المحرِّم لا يتوقف على مص اللبن من الثدي ، بل لو وضع في إناء وشرب منه الطفل ، كان ذلك رضاعاً معتبراً في قول جمهور العلماء .
قال ابن قدامة رحمه الله : " قال : الشافعي : ( والسعوط كالرضاع , وكذلك الوَجُور ) معنى السعوط : أن يصب اللبن في أنفه من إناء أو غيره ، والوَجُور : أن يصب في حلقه صباً من غير الثدي . واختلفت الرواية في التحريم بهما , فأصح الروايتين أن التحريم يثبت بذلك , كما يثبت بالرضاع ، وهو قول الشعبي والثوري , وأصحاب الرأي ، وبه قال مالك في الوجور . والثانية : لا يثبت بهما التحريم . وهو اختيار أبي بكر , ومذهب داود ، وقول عطاء الخراساني في السعوط ; لأن هذا ليس برضاع , وإنما حرم الله تعالى ورسوله بالرضاع .
ويدل على ثبوت التحريم بذلك : ما روى ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا رضاع , إلا ما أنشز العظم , وأنبت اللحم ) رواه أبو داود ، ولأن هذا يصل به اللبن إلى حيث يصل بالارتضاع , ويحصل به من إنبات اللحم وإنشاز العظم ما يحصل من الارتضاع , فيجب أن يساويه في التحريم " انتهى بتصرف يسير من "المغني" (8/139) .
ثالثاً :
الرضاع المحرم يشترط فيه أن يكون خمس رضعات ، وأن يكون الولد لم يتجاوز الحولين .
وحساب الخمس رضعات هنا ، يكون بجعل اللبن في إناء ، ثم سقيه للصبي في خمسة أوقات متفرقة .
قال ابن قدامة في "الكافي" (5/65) : " إذا حلبت في إناء دفعة واحدة ، أو في دفعات ، ثم سقته صبياً في خمسة أوقات ، فهو خمس رضعات ، وإن سقته في وقت واحد ، فهو رضعة واحدة ، لأن الاعتبار بشرب الصبي ، فإن التحريم يثبت به ، فاعتبر تفرّقه واجتماعه " انتهى .
والله أعلم .
تعليق