الحمد لله.
لا يُحكم على تعاملات البنوك والمؤسسات وفقاً لأسمائها ، بل لا بدَّ أن يتوافق واقعها مع اسمها الذي تنتسب إليه وهو " الإسلام " ، كما أن وجود هيئة رقابة أو إفتاء شرعية في البنك أو المؤسسة لا يَحكم على أفعالها بأنها صواب إلا أن يكونوا من الثقات في علمهم ودينهم ، وتكون قراراتها ملزمة لإدارة البنك .
ولسنا في صدد تقويم هذا البنك أو ذاك إنما هو قاعدة عامة تنطبق على الجميع ، وما ذكرتَه – أخي الفاضل – في سؤالك لا مطعن فيه ، وهو علامة خير إن شاء الله ، لكن يهمنا معرفة حقيقة التعامل ، والنظر في الصور والمعاملات الأخرى كبيع المرابحة أو التورق المصرفي وهما أكثر التعاملات تداولاً في البنوك التي تنتسب إلى الإسلام ، وعند كثير منها مخالفات شرعية واضحة ، وقد نبهت بعض قرارات " مجمع الفقه الإسلامي " على سوء تصرف بعض البنوك التي تنتسب إلى الإسلام ، وحذروا من التعامل بمثل هذه المخالفات للشرع .
وفي قرارهم في مؤتمرهم المعقود في 19 - 23 / 10 / 1424 هـ الذي يوافقه 13 - 17 / 12 / 2003 م قالوا :
" كما أن المجلس إذ يقدر جهود المصارف الإسلامية في إنقاذ الأمة الإسلامية من بلوى الربا ، فإنه يوصي بأن تستخدم لذلك المعاملات الحقيقية المشروعة دون اللجوء إلى معاملات صورية تؤول إلى كونها تمويلاً محضاً بزيادة ترجع إلى الممول " انتهى .
وقال الشيخ صالح بن عبد الرحمن الحصين :
" إذا كانت المصارف الإسلامية لم تستطع حتى الآن تحقيق أهدافها ، وكان ذلك بسبب أن الاتجاه العام الغالب لديها في استخدام الموارد لا يمكنها من ذلك على نحو ما وضح فيما سبق : فإن النتيجة المنطقية لذلك أنها لن تحقق في المستقبل ما عجزت عنه في الماضي .
والواقع يثبت أن المصارف الإسلامية بهذا الاتجاه ظلت تقترب من البنوك الربوية شيئاً فشيئاً ، وأن أوضح شاهد لذلك ما انتهت إليه المصرفية الإسلامية من اعتماد عمليتي " تيسير الأهلي " ، و " التورق المبارك " .
والظاهر أنه من الناحية العملية فإنه من المستحيل القول إن الآثار السلبية للربا الاقتصادية والاجتماعية والسيكولوجية التي تتحقق في التمويل بالفائدة لا تتحقق في التمويل بـ " تيسير الأهلي " أو " التورق المبارك " بل إنه من الناحية الفقهية يستحيل على الفقيه دون أن يخادع نفسه أن يدَّعي وجود فارق بين هاتين العمليتين والاحتيال المحرم على الربا .
بهذا الاقتراب من البنوك الربوية : فإن المصارف الإسلامية ستفقد هويتها الحقيقية ، ولا يبقى لها إلا الاسم " انتهى من مقال – له - بعنوان " المصارف الإسلامية ما لها وما عليها " .
وعلى كل حال : فوجود الرقابة الشرعية والمجالس الشرعية في هذه البنوك علامة خير .
وما ذكرتَه من أن البنك لا يحدد مبلغاً معيناً لودائع واستثمارات زبائنه ، وأنه يخرج الزكاة عن أموال المودعين ، وأنه يشارك في الربح والخسارة في حال المشاركة – وننبه إلى أن البنك إن كان مشاركاً فهو يخسر من ماله ، وإن كان مضارباً فهو يخسر جهوده ، وخسارة المال تكون على أصحابه – كل ذلك ليس فيه مخالفة شرعية ، وما يكون من تعامل مع البنوك المركزية هو أمر تُجبر عليه البنوك الإسلامية جميعها .
غير أن هذا لا يكفي للحكم على معاملات البنك كلها بأنها شرعية ، بل لا بد من الوقوف على حقيقية معاملاته كلها .
ولكن .. باعتبار أن ما ذكرته عن البنك يعطي مؤشراً عن اختلاف البنك عن البنوك الربوية ، وأنه لا يتعامل بالربا ، فإننا نرى لك جواز التعامل معه حتى يتبين لك أن معاملاته غير منضبطة بالضوابط الشرعية ، فتوقف تعاملك معه حينئذ .
وفي جواب السؤال رقم ( 47651 ) ذكرنا مواصفات البنك الإسلامي فلينظر .
والله أعلم
تعليق