الأحد 23 جمادى الأولى 1446 - 24 نوفمبر 2024
العربية

قال لزوجته : إن أخبرت أحدا فلست بذمتي

120973

تاريخ النشر : 01-08-2008

المشاهدات : 11949

السؤال

طلقت زوجتي طلقة واحدة وراجعتها ، وبعد ذلك قلت لها إذا كلمت أمك عن مشاكل البيت لستي بذمتي ، أخبرت أمها أيضاً ، صار عندنا مشاكل أخرى وقلت لها لا تخبري أحداً ، وإلا لستي بذمتي فأخبرت ، وهي هداها الله ذات لسان ، وهي وأنا نحس أنه بيننا حاجز ، وأنا ليس لي رغبه بها ، وعاشت معي خمسة وعشرين سنة بدون أطفال ، أرشدوني .

الجواب

الحمد لله.


أولا:
قول الرجل لزوجته : لست بذمتي ، هو من ألفاظ الكناية التي يقع بها الطلاق عند وجود نية الطلاق ، وذلك أن الألفاظ التي يقع بها الطلاق نوعان ، صريح وكناية :
فالصريح ما لا يفهم منه إلا الطلاق ، كقول : أنت طالق .
والكناية ما يحتمل أن يكون المراد منه الطلاق أو غيره ، كقوله : الحقي بأهلك ، أو أنت برية أو خلية ، أو لا حاجة لي في فيك ، أو لست في ذمتي ، ونحو ذلك .
ثانيا:
قولك لزوجتك : " لا تخبري أحداً وإلا لست بذمتي " :
إن كانت نيتك أنها تطلق في حال إخبارها ، فإنها إذا أخبرت وقعت عليها طلقة واحدة رجعية ، وإن كنت تريد تهديدها وتخويفها ومنعها من الإخبار ، ولم يكن في نيتك الطلاق ، فهذا له حكم اليمين ، فتلزمك كفارة يمين في حال إخبارها .
ثالثا:
ينبغي أن تتجنب استعمال ألفاظ الطلاق ، وأن تسعى لعلاج مشاكلك بدون ذلك ، وأن تراعي ما بينكما من العشرة وطول المدة ، وأن تراعي هي ذلك أيضا ، وقد أمر الله تعالى الزوجين بحسن العشرة فقال : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ) النساء/19 ، وقال سبحانه : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ) البقرة/228 ، وأرشد سبحانه إلى علاج ما يقع من الزوجة من نشوز فقال : ( وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا . وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ) النساء/34 ، 35 .
وبَيَّن النبي صلى الله عليه وسلم ما ينبغي أن يكون عليه المؤمن من توازن في نظرته لأهله ، فقال : ( لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ ) رواه مسلم (1469) .
وعن سمرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعٍ ، وَإِنَّكَ إِنْ تُرِدْ إِقَامَةَ الضِّلْعِ تَكْسِرْهَا ، فَدَارِهَا تَعِشْ بِهَا ) رواه أحمد (19235) وابن حبان (1308) وصححه الألباني في صحيح الجامع (2/163) .
ومن أعظم ما يعين على صفاء العيش بين الزوجين حسن الخلق ، ولذا رفع الإسلام من شأنه ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد بلغ النهاية والكمال في حسن تعامله وخلقه .
فعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مَا مِنْ شَيْءٍ يُوضَعُ فِي الْمِيزَانِ أَثْقَلُ مِنْ حُسْنِ الخُلُقِ ، وَإِنَّ صَاحِبَ حُسْنِ الخُلُقِ لَيَبْلُغُ بِهِ دَرَجَةَ صَاحِبِ الصَّوْمِ وَالصَّلاَةِ ) رواه الترمذي (2003) وأبو داود (4799) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا ، وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ خُلُقًا ) رواه الترمذي (1082) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
نسأل الله تعالى أن يصلح بينك وبين أهلك ، وأن يؤلف بينكما ، ويجمع قلبيكما على طاعته ومرضاته .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب