الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

هل الكي بالكهرباء مثل الكي بالنار وينافي التوكل؟

121183

تاريخ النشر : 14-07-2008

المشاهدات : 16436

السؤال

هل الكي بالنار يأخذ حكم الكي بالكهرباء في من يرجو أن يكون في السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عقاب ؟

الجواب

الحمد لله.


جاء في الصحيحين من حديث عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ قَالُوا مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ هُمْ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وَلَا يَكْتَوُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) رواه البخاري (6472) ومسلم (218) واللفظ له .

وهذا يدل على أن طلب الرقية والكي مما ينافي التوكل .
 والاكتواء المنافي للتوكل هو ما كان لدفع المرض والبلاء قبل حصوله ، كما كان أهل الجاهلية يفعلونه ، وأما التداوي به بعد حدوث المرض ، فلا ينافي التوكل ؛ لكنه مكروه لما فيه من التعذيب بالنار ، وهذه الكراهة تزول عند الحاجة ، وقد كوى النبي صلى الله عليه وسلم أسعد بن زرارة رضي الله عنه ، وأخبر أن الشفاء في ثلاثة وذكر منها الكي .

قال ابن القيم رحمه الله : " فقد تضمنت أحاديث الكي أربعة أنواع : أحدها : فعله ، والثاني : عدم محبته له ، والثالث : الثناء على من تركه ، والرابع : النهي عنه ، ولا تعارض بينها بحمد الله تعالى فإنّ فعله يدل على جوازه ، وعدم محبته له لا يدل على المنع منه ، وأما الثناء على تاركه فيدل على أن تركه أولى وأفضل ، وأما النهي عنه فعلى سبيل الاختيار والكراهة أو عن النوع الذي لا يحتاج إليه بل يفعل خوفا من حدوث الداء والله أعلم " انتهى ."زاد المعاد" (4/64) .

وقال ابن قتيبة رحمه الله في بيان الكي المنافي للتوكل :
" والكي جنسان : أحدهما كي الصحيح لئلا يعتل ، كما يفعل كثير من أمم العجم فإنهم يكوون ولدانهم وشبانهم من غير علة بهم ، يرون أن ذلك الكي يحفظ لهم الصحة ويدفع عنهم الأسقام... وكانت العرب تذهب هذا المذهب في جاهليتها وتفعل شبيها بذلك في الإبل إذا وقعت النُّقبة فيها وهو جرب ، أو العُرُّ وهو قروح تكون في وجوهها ومشافرها ، فتعمد إلى بعير منها صحيح فتكويه ليبرأ منها ما به العر أو النقبة ، وقد ذكر ذلك النابغة في قوله للنعمان :
 فحمَّلْتني ذنبَ امرئ وتركته    كذي العُرِّ يُكوى غيره وهو راتعُ

وهذا هو الأمر الذي أبطله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال فيه : ( لم يتوكل من اكتوى) لأنه ظن أن اكتواءه وإفزاعه الطبيعة بالنار وهو صحيحٌ يدفع عنه قدر الله تعالى ، ولو توكل عليه وعلم أن لا منجي من قضائه لم يتعالج وهو صحيح ، ولم يكو موضعا لا علة به ليبرأ العليل .

وأما الجنس الآخر فكي الجرح إذا نغل وإذا سال دمه فلم ينقطع ، وكي العضو إذا قطع أو حسمه ، وكي عروق من سقي بطنه وبدنه ... وهذا هو الكي الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم إن فيه الشفاء ، وكوى أسعد بن زرارة لعلة كان يجدها في عنقه وليس هذا بمنزلة الأمر الأول ، ولا يقال لمن يعالج عند نزول العلة به لم يتوكل ، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتعالج وقال لكل داء دواء ، لا على أن الدواء شاف لا محالة وإنما يُشرب على رجاء العافية من الله تعالى به ؛ إذ كان قد جعل لكل شيء سببا " انتهى .
"تأويل مختلف الحديث" (ص 329) .

والذي يظهر أن الكي بالكهرباء كالكي بالنار ، فيكره لما فيه من التعذيب ، إلا عند الحاجة إليه ، ومن اكتوى قبل حدوث الداء فقد شابه أهل الجاهلية ، وكان فعله منافيا للتوكل .

والله أعلم .



 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب