الأربعاء 15 شوّال 1445 - 24 ابريل 2024
العربية

قسم قطعة أرض بين أولاده ولم يُسَوّ بينهم ثم مات فهل يعيدون قسمتها؟

121763

تاريخ النشر : 06-10-2008

المشاهدات : 11389

السؤال

أب له خمسة أبناء , اشترى أرضا بصك وسجلت باسمه ، وفي حياته قسم الأرض إلى خمسة أقسام تقسيما عشوائيا بالحبل , غير متساو , لأبنائه الخمسة يصل الفرق بينها إلى خمسة وأربعين مترا ’ ودفع كل ابن له مبلغ ألفين ريال ثم بنى عليها الأبناء ، وقد توفي ولم يفرغ كل واحد لأرضه , وظلت الأرض بصك واحد باسمه ، والسؤال : الأرض والبناء بصك واحد معروضة للبيع بقيمة خمسة ملايين ، واختلف الورثة في توزيع ثمن الأرض , بسبب تفاوت مساحات أرض كل واحد منهم ، فهل يتم توزيع قيمة الأرض بالتساوي إرثا لتتحقق المساواة والعدالة ، أم يعطى كل واحد مبلغه حسب مساحة أرضه ، مع أن بين مساحاتها فروقا كبيرة , وتساوي المبلغ المدفوع لوالدهم ؟

الجواب

الحمد لله.


أولاً:
يجب على الأب أن يعدل بين أولاده في العطية ؛ لما روى البخاري ( 2586) ومسلم (1623) عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلَامًا كَانَ لِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَهُ مِثْلَ هَذَا) فَقَالَ : لَا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَارْجِعْهُ ).
وفي لفظ لمسلم (1623) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (يَا بَشِيرُ أَلَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا؟ قَالَ : نَعَمْ . فَقَالَ : أَكُلَّهُمْ وَهَبْتَ لَهُ مِثْلَ هَذَا ؟ قَالَ : لَا . قَالَ : فَلَا تُشْهِدْنِي إِذًا ، فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ) .
نحلت : أي : أعطيت ، من النِّحلة ، وهي العطاء .
قال الشوكاني رحمه الله : " وهذه الأحاديث تدل على وجوب التسوية ، وأن التفضيل باطل ، جور ، يجب على فاعله استرجاعه ، وبه قال طاوس ، والثوري ، وأحمد ، وإسحق ، وبعض المالكية ، وذهب الجمهور إلى أن التسوية مستحبة فقط ، وأجابوا عن الأحاديث بما لا ينبغي الالتفات إليه " انتهى من "الدراري المضية شرح الدرر البهية" (1/348) .
والعدل : أن يعطي للذكر مثل حظ الأنثيين ، كما في قسمة المواريث ، لأنه لا أعدل من قسمة الله تعالى .
وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال ( 22169 ) .
ثانيا :
إذا مات الأب وقد فاضل في العطية ، أو في توزيع التركة التي قسمها في حياته ، لزم الورثة أن يقيموا العدل ، ويقسموا التركة كما أمر الله .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء : هل يجوز للوالد أن يسجل مزرعة لأحد أولاده ويترك باقي الأولاد ؟ والدي سجل لي مزرعة وترك أختي وأخاً صغيراً ، هل أنا أتكفل بهؤلاء الأبناء أم أتركهما ؟
فأجابت : "يجب على الوالد أن يسوِّي بين أولاده في العطية حسب الميراث الشرعي ، ولا يجوز له تخصيص بعضهم دون بعض ؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فعن النعمان بن بشير رضي الله عنه : (أن أباه أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إني نحلت ابني هذا غلاما كان لي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أكل ولدك نحلته مثل هذا ؟ فقال : لا، فقال : فأرجِعْه) متفق عليه .
وعليه : فيجب على والدك أن يعدل العطية التي حصلت منه لبعض أولاده بأن يعطي كل واحد من أولاده مثل ما أعطى المذكور ، أو يسترجع العطية منه ، وإن كان والدك قد مات : فاقسم التركة بينك وبين بقية الورثة ، حسب الحكم الشرعي" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز , الشيخ عبد الله بن غديان , الشيخ صالح الفوزان , الشيخ عبد العزيز آل الشيخ , الشيخ بكر أبو زيد .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (16/216).
هذا بالنسبة للحكم الشرعي في هذه المسألة ، أما مسألتكم فإنها خصومة ، والذي يفصل فيها هو القاضي الشرعي ، لأنه قد يكون حصل من الأبناء أو بعضهم ما يدل على رضاه بقسمة الوالد ، فلا يكون من حقه الرجوع والمطالبة بإعادة القسمة.
والذي يمكنه الوقوف على ذلك والتقصي هو القاضي ، فإن لم يمكن إنهاء المشكلة بينكم بالتراضي والمصالحة ، فليس أمامكم إلا الذهاب إلى المحكمة الشرعية .
والله أعلم .
 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب