الحمد لله.
أولاً:
قد أحسن أخوك بالزواج حفظاً لنفسه من الوقوع في المعصية ، حتى وإن كان لا يزال يدرس ؛ وقد رأينا كثيراً من الشباب يعزف عن التفكير في الزواج أثناء دراسته ؛ ليطلق العنان لبصره أن يجول في النساء ، والشهوات ، وأما المستقيمون على طاعة الله تعالى فإنه يزعجهم تأخر زواجهم ، وهم لا يجدون أباً ينتبه لشهوتهم وفتنتهم ، وتجد هذا الأب مستعدّاً لبذل الغالي والنفيس ، بل والوقوع في المحرمات والكبائر – كأخذ القروض الربوية – من أجل تدريس ابنه ، ولا يجعل من تفكيره نصيباً لتزويج ابنه ، وإنقاذه من فتن الشهوات .
وفي الوقت نفسه : نرى أنه أخطأ في ناحيتين :
الأولى : أنه لم يحاول إخبار والديه وإقناعهما بفكرة الزواج قبل الإقدام على إتمامه ، مع تطمين أسرته بأنه سوف يحاول أن يعمل أثناء دراسته ، للوفاء بمتطلبات زواجه ، إذا لم تكن الأسرة قادرة على ذلك .
والثانية : أنه في حال تحتم تزوجه من غير رضا أهله : نرى لو كان زواجه قانونيّاً بالإضافة لكونه شرعيّاً ، فنحن لا نشك أن الزواج الشرعي هو الذي تترتب عليه الأحكام الشرعية ، ولكن لا غنى لنا عن موافقة الدولة على هذا الزواج لترتب مصالح عظيمة على ذلك ، كمثل تسجيل الأبناء في " دفتر العائلة " ، ونسبتهم إلى الأبوين ، وكمثل رفع التهمة عن طرفي الزواج ، وسلامتهما من الإيذاء والضرر ، وكمثل ترتب أحكام الميراث على إثبات ذلك الزواج ، وغير ذلك كثير مما فيه جلب مصالح ، ودفع مفاسد ومضار .
وانظروا جواب السؤال رقم : ( 22728 ) .
ثانياً:
الذي نراه في حل مشكلة أخيكِ هو الصدع بالحق ، والصدق بالقول ، مع أهله ، وأن لا يتردد في إخبارهم بحقيقة أنه متزوج من تلك المرأة ، وأنها زوجته على شرع الله تعالى ، ومن حق تلك المرأة أن يكون لها كيانٌ محترم عند أهله ، وما فعله من إحضار أهله ليروها مخطوبة لم يكن مرضياً ، وخاصة أنه فشل ، ولم يحصل منهم موافقة عليها زوجة له ، ويمكن أن يظهروا للناس أنه قد تزوجها حديثاً ، وذلك بعمل احتفال شرعي ، وإعلان النكاح أمامهم ؛ خشية من الحرج ، أما أمام أهله : فنرى أن يكون منه مواجهة للواقع ، وإثبات ما حصل منه لهم ، والعقلاء يجدون فعله مسوغاً ، لا حرج فيه ، فهو أراد تحصين فرجه ، وهو أمرٌ يُشكر عليه ، ولا يلام .
ونرى أن سكوته عن خبر زواجه سيُضَيع على زوجته حقوقها ، وقد يسبب لها ضرراً في المستقبل باتهامها بما ليس فيها ، وجمعه بين زوجتين وإن كان مباحاً : إلا أنه سيضطر لأن يعيش عيشاً سريّاً في نصفه ! وسيجلب عليه من المشكلات ما ليس في حسبانه ، وقد يتسبب في ظلمها عندما يتزوج بأخرى ، ولا يستطيع العدل في زواجه ، ولن يميل – في الغالب – إلا على الطرف الضعيف .
لذا فإننا نرى أن يبادر هو بإخبار أهله بما فعل ، ويضعهم في صورة الأمر ، ويعالج معهم موضوع تسجيل الزواج ، وإثباته وفق قوانين الدولة ، ولا يتهاون في هذا ، ولا يتردد فيه ، ويمكنك تهديده بأنه إن لم يُصلح الوضع ويخبر أهله أنك ستفعل أنت ذلك ، وللعلم فإن لوماً كبيراً سيقع عليك أنت لو علم أهلك من غير أخيك أنه متزوج ، وأنك كنت تعلم ، فنرى لك إقناعه بالحسنى بإخبارهم ، وأنك ستفعل هذا لو أنه لم يفعل ، والصدق منجاة ، وكتمان مثل هذا من المحال إلا مع الظلم والجور والمفاسد المتعددة.
والله نسأل أن يهديه ، ويوفقه لما يحبه ويرضاه .
والله أعلم
تعليق