السبت 20 جمادى الآخرة 1446 - 21 ديسمبر 2024
العربية

تزوج أخوه دون علم أهله ، والآن أهله يريدونه أن يتزوج ؟!

121772

تاريخ النشر : 22-09-2008

المشاهدات : 21972

السؤال

أريد مشورتكم بمشكلة بدأت منذ 10 سنوات تقريباً : في يوم من الأيام وقعت في يدي صورة لأخي وامرأة ، وعندما واجهته : اعترف لي أنه تزوج ، وأنه لم يعد قادراً على التحمل بدون زواج ، زوجته أكبر منه بسبع سنوات ، مطلقة ، من دولة عربية ، لم تحصل حتى على الشهادة الابتدائية ، من عائلة مستورة ، تزوجها بمهر زهيد ، في تلك الأيام كان أخي طالباً جامعيّاً ، يدرس صباحاً ، وفي المساء يكدح على السيارة التي اشتراها له أبي ، وانتقل للعيش مع زوجته ( أمام أهلي ادعى أنه ينام مع أصحابه في عزوبية ) ، حاولت أن يعترف لأهلي بموضوع زواجه ، لكنه أقنعني بأنه سيؤجل الموضوع لحين تخرجه ، ووظيفته ، الآن تخرَّج أخي ، وتوظَّف وظيفة في قطاع خاص ، وبدأ أهلي يلحون عليه بالزواج ، وبدأ يتهرب ، وأخيراً : طلب من أمي أن تخطب له فتاة معينة ( زوجته ! ) يحاول أن يصلح الموضوع دون أن يُشعر أمي وأبي بأنه متزوج ، وتعرفنا على عائلة زوجة أخي ، ولم يُعجبوا أهلي لأنهم من بلد آخر ، ومستواهم الاجتماعي لا يناسب مستوانا ، والفتاة مطلقة ، غير متعلمة ، غير جميلة ، أخبر أخي أهلي بأنه يحبها ، ويرغب بها ، ولا يريد أي امرأة أخرى ، كما أخبرني بأن زواجه عن طريق مأذون شرعي ، ولكنه غير مسجل لأنه يتطلب إجراءات كثيرة ولا بد من موافقة جهات حكومية عليه ، ويحتاج أن يبلغ الثلاثين عاماً ليكون مسموحاً له الزواج من أجنبية ، وأن زوجته على كفالة أحد أقربائها ، وأنها لا تستطيع أن تنجب له ، وأنه خلال السنوات الماضية حملت أربع مرات ، ولكن لم تتم الحمل ، كما أنها تعاني من عدة أمراض تمنع إنجابها . لذلك هو يفكر جديّاً بالزواج من أخرى ، ويستخرج بطاقة عائلة ، ويمضي في حياته بصورة طبيعية ثم يصحح وضعه مع الأولى و يقوم بإجراءات الزواج من أجنبية ، وأن إخبار أهلي بالموضوع ، أو حتى العروس التي يخطبها ، حاليّاً لن يجلب غير المشاكل التي لا جدوى منها . في الفترة الأخيرة : أمي كثفت جهودها ، ووجدت فتاة مناسبة ، وحصلت الرؤية الشرعية ، لا أخفيكم كم مرة أخي حاول تأجيل الموضوع ، والتزويغ ، وإيجاد حجج لتعطيل الخطبة ، لا أستطيع أن أصف شعوري بالذنب في حق العروس ( أشعر بأننا خدعناها ) ، وفي حق زوجة أخي ( ما هو ذنبها يتخلى عنها أخي بعد هذه السنوات الطويلة ) ، وأشعر بالذنب لأني كنت أعرف موضوع زواج أخي ولم أفعل شيئاً ، وخبأت الموضوع عن أمي وأبي ، لقد تحدثت مع أخي ، فقال لي : " عادي أتزوج ! أنا لست أول رجل يتزوج امرأتين ، سأبذل كل ما في وسعي ، أبي سيساعدني في المصاريف ، سأسكن العروس بجوار أهلها ، أو استأجر في بيتهم ، حتى لا تشعر بالوحدة عندما أكون مع الأولى ، التي هي أيضا تسكن مع أهلها ، ولديها وظيفتها ، ولن تتضايق من زواجي " . كما أتمنى أن أجد تفسيراً لتصرف أمي ، وأبي ، معقول ؟ ألم يفهموا أنه متزوج ؟ برغم من وجود دلائل كثيرة ؟ أم إنهما يكابران ولا يريدان الاعتراف بزواجه الأول ؟ أم إنهما يحاولان فرض ما يريدان ؟ . هل يجب عليَّ إخبار أهلي ، والعروس عن موضوع زواجه الأول ؟ أم أسكت ؟ هل عليَّ ذنب لو سكتُّ ؟ خصوصاً أن أخي يقول الإخبار لن يجلب سوى المشاكل ، وفي نفس الوقت أشعر أن السكوت فيه غش وخداع .

الجواب

الحمد لله.




أولاً:
قد أحسن أخوك بالزواج حفظاً لنفسه من الوقوع في المعصية ، حتى وإن كان لا يزال يدرس ؛ وقد رأينا كثيراً من الشباب يعزف عن التفكير في الزواج أثناء دراسته ؛ ليطلق العنان لبصره أن يجول في النساء ، والشهوات ، وأما المستقيمون على طاعة الله تعالى فإنه يزعجهم تأخر زواجهم ، وهم لا يجدون أباً ينتبه لشهوتهم وفتنتهم ، وتجد هذا الأب مستعدّاً لبذل الغالي والنفيس ، بل والوقوع في المحرمات والكبائر – كأخذ القروض الربوية – من أجل تدريس ابنه ، ولا يجعل من تفكيره نصيباً لتزويج ابنه ، وإنقاذه من فتن الشهوات .
وفي الوقت نفسه : نرى أنه أخطأ في ناحيتين :
الأولى : أنه لم يحاول إخبار والديه وإقناعهما بفكرة الزواج قبل الإقدام على إتمامه ، مع تطمين أسرته بأنه سوف يحاول أن يعمل أثناء دراسته ، للوفاء بمتطلبات زواجه ، إذا لم تكن الأسرة قادرة على ذلك .
والثانية : أنه في حال تحتم تزوجه من غير رضا أهله : نرى لو كان زواجه قانونيّاً بالإضافة لكونه شرعيّاً ، فنحن لا نشك أن الزواج الشرعي هو الذي تترتب عليه الأحكام الشرعية ، ولكن لا غنى لنا عن موافقة الدولة على هذا الزواج لترتب مصالح عظيمة على ذلك ، كمثل تسجيل الأبناء في " دفتر العائلة " ، ونسبتهم إلى الأبوين ، وكمثل رفع التهمة عن طرفي الزواج ، وسلامتهما من الإيذاء والضرر ، وكمثل ترتب أحكام الميراث على إثبات ذلك الزواج ، وغير ذلك كثير مما فيه جلب مصالح ، ودفع مفاسد ومضار .
وانظروا جواب السؤال رقم : ( 22728 ) .
ثانياً:
الذي نراه في حل مشكلة أخيكِ هو الصدع بالحق ، والصدق بالقول ، مع أهله ، وأن لا يتردد في إخبارهم بحقيقة أنه متزوج من تلك المرأة ، وأنها زوجته على شرع الله تعالى ، ومن حق تلك المرأة أن يكون لها كيانٌ محترم عند أهله ، وما فعله من إحضار أهله ليروها مخطوبة لم يكن مرضياً ، وخاصة أنه فشل ، ولم يحصل منهم موافقة عليها زوجة له ، ويمكن أن يظهروا للناس أنه قد تزوجها حديثاً ، وذلك بعمل احتفال شرعي ، وإعلان النكاح أمامهم ؛ خشية من الحرج ، أما أمام أهله : فنرى أن يكون منه مواجهة للواقع ، وإثبات ما حصل منه لهم ، والعقلاء يجدون فعله مسوغاً ، لا حرج فيه ، فهو أراد تحصين فرجه ، وهو أمرٌ يُشكر عليه ، ولا يلام .
ونرى أن سكوته عن خبر زواجه سيُضَيع على زوجته حقوقها ، وقد يسبب لها ضرراً في المستقبل باتهامها بما ليس فيها ، وجمعه بين زوجتين وإن كان مباحاً : إلا أنه سيضطر لأن يعيش عيشاً سريّاً في نصفه ! وسيجلب عليه من المشكلات ما ليس في حسبانه ، وقد يتسبب في ظلمها عندما يتزوج بأخرى ، ولا يستطيع العدل في زواجه ، ولن يميل – في الغالب – إلا على الطرف الضعيف .
لذا فإننا نرى أن يبادر هو بإخبار أهله بما فعل ، ويضعهم في صورة الأمر ، ويعالج معهم موضوع تسجيل الزواج ، وإثباته وفق قوانين الدولة ، ولا يتهاون في هذا ، ولا يتردد فيه ، ويمكنك تهديده بأنه إن لم يُصلح الوضع ويخبر أهله أنك ستفعل أنت ذلك ، وللعلم فإن لوماً كبيراً سيقع عليك أنت لو علم أهلك من غير أخيك أنه متزوج ، وأنك كنت تعلم ، فنرى لك إقناعه بالحسنى بإخبارهم ، وأنك ستفعل هذا لو أنه لم يفعل ، والصدق منجاة ، وكتمان مثل هذا من المحال إلا مع الظلم والجور والمفاسد المتعددة.
والله نسأل أن يهديه ، ويوفقه لما يحبه ويرضاه .
والله أعلم
 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب