الحمد لله.
أولاً:
إن صحَّ ما تقول عن والدتك من إقامتها علاقات غير شرعية مع رجال أجانب : فإنها تكون قد عرَّضت نفسها لسخط الله ، وعذابه ، فإن كانت وقعت في الزنا : فإن وعيدها أعظم ، وخاصة وأنها محصنة ، وحدُّ الزانية المحصنة : الرجم بالحجارة حتى الموت ، والإحصان يحصل بالدخول الشرعي على متزوجة ، ولو مرة واحدة ، ولذا فإن هذا حكمها سواء كان والدك على قيد الحياة ، أم فعلت ذلك بعد وفاته .
وانظر جواب السؤال رقم : ( 8981 ) .
والسحر الذي رأيتَه في غرفة نومها : إن كان بفعلها ، أو عن طريقها : فهي على خطر عظيم ؛ لما للسحر من شر في ذاته ، ومن شدةٍ في حكمه ، سواء فعله الساحر بنفسه ، أم قصد مسلمٌ ساحراً ليسحر له أحداً من الناس .
وانظر جواب السؤال رقم : ( 13654 ) .
لذا يجب على أمك أن تتوب توبة صادقة ، وعليك أن تعينها على هذه التوبة ، وتحثها عليه ، وترغِّبها إن هي تابت ، وترهِّبها إن هي أصرت على فعلها ، ومنكراتها .
ثانياً:
فد أخطأتَ بخروجك من البيت خطأً كبيراً ، بل كان الواجب عليك : البقاء في البيت لتحمي أمك ، وأخاك الصغير ، وأختك ، من ذلك الذئب الجائع ، ونعجب منك كيف فهمت أن علاقة ذلك الرجل بأخيك إنما هي لتكفير خطيئته بعلاقته المحرمة مع والدتك ! فمثل هذا لا يُحسَّن به الظن ، بل ينبغي أن يحترس منه بسوء الظن ، ولعل الأقرب أنه يتخذه قنطرة لقضاء مأربه ، وتسهيل دخوله إلى المنزل .
فنرى أنك أخطأتَ خطأً عظيماً بهجرك للبيت ، وأن الواجب عليك الآن الرجوع إليه ، وأن تكون حامياً له ، ولأفراد أسرتك ، من طمع الطامعين ، وكيد الكائدين ، وبقاؤك مع تحملك لتصرفات أمك خير بكثير من هجرك للبيت لتنفس عن نفسك ، فاتق الله تعالى ربك ، وأنت الآن صاحب مسئولية ، فلا تقدِّم هوى نفسك بتخليك عن تلك المسئوليات ، وكن خير حامٍ لأسرتك ، فهم أحوج ما يكونون لك .
فإن أمكنك الانتقال بأسرتك عن البلد التي يعيش فيها هذا الخبيث ، ويتيسر اتصاله ببيتكم فيها ، فافعل ، حتى وإن كان فيه قدر من التعب ، أو نوع من الخسارة المادية ، فهو أيسر مما أنتم فيه ، وأبعد لكم عن السوء والعار ، عافانا الله وإياكم .
وبخصوص ذلك الخبيث : فليس لك إلا مواجهته ، وطرده من بيتكم ، والطلب منه عدم زيارتكم ، والقدوم إليكم ، وليكن منك إقناع بذلك لأخيك ، حتى يعلم أنه غير مرغوب فيه ، فتُقطع رجله عن القدوم إليكم ، ولا ينبغي لك التهاون في هذا ، وبحسب ما جاء في بياناتك أن عمرك ( 31 ) وهو عمر رجل يستطيع فرض سيطرته على بيته ، فافعل ذلك ولا تتردد .
ثالثاً:
مع ما تقوله من تصرفات والدتك : فإن حقها يبقى عليك في البرِّ ، والتلطف في الكلام ، وهذا هو الطريق المناسب لقلبها ، وهدايتها ، دون القسوة ، والغلظة ، ونرى أن من قال لك بسقوط حقها في البر والصلة أنه أخطأ ، نعم ، لا تعان على معصية ، لكن يبقى برُّها على أولادها .
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن امرأة مزوَّجة ، ولها أولاد فتعلقت بشخصٍ أقامت معه على الفجور ، فلما ظهر أمرها : سعَت في مفارقة الزوج ، فهل بقيَ لها حق على أولادها بعد هذا الفعل ؟ وهل عليهم إثم في قطعها ؟ وهل يجوز لمن تحقق ذلك منها قتلها سرّاً ؟ وإن فعل ذلك غيره يأثم ؟ .
فأجاب:
الواجب على أولادها وعصبتها : أن يمنعوها من المحرمات ، فإن لم تمتنع إلا بالحبس : حبسوها ، وإن احتاجت إلى القيد : قيَّدوها ، وما ينبغي للولد أن يضرب أمََّه ، وأمَّا برُّها : فليس لهم أن يمنعوها برَّها ، ولا يجوز لهم مقاطعتها بحيث تتمكن بذلك من السوء ، بل يمنعوها بحسب قدرتهم ، وإن احتاجت إلى رزق وكسوة رزقوها وكسوها ، ولا يجوز لهم إقامة الحد عليها بقتلٍ ولا غيره ، وعليهم الإثم في ذلك .
" مجموع الفتاوى " ( 34 / 177 ، 178 ) .
فالمطلوب منك أخي السائل :
1. الرجوع دون تردد إلى بيت أهلك .
2. القيام على أمك وأختك وأخيك بالعناية ، والرعاية ، والدعوة بالحسنى .
3. طرد ذلك الرجل الخبيث من بيتكم ، ومن حياتكم .
4. منع أمك من لقاء أحد من الأجانب ، أو استضافتهم في بيتها ، ولو أدى ذلك إلى تقييدها ، وحبسها في البيت ، على أن تدرس عواقب ذلك ، واحتمال وقوع ضرر عليك جراء فعله .
5. لا تمتنع من برها ، ويحرم عليك عقوقها ، فأحسن إليها ، وتلطف معها ، وأخرجها من بيئتها التي تعيش بها ، وعرِّفها على أهل الفضل والعفاف ، واذهب بها للعمرة ، لعلها تغسل ذنبها ، وتستغفر ربها ، وتغيِّر حياتها للأفضل .
6. داوم على دعاء الله تعالى لأسرتك بالهداية ، ولك بالتوفيق والإعانة .
والله أعلم
تعليق