الثلاثاء 5 ربيع الآخر 1446 - 8 اكتوبر 2024
العربية

دفع أبوها أقساط الجامعة ثم ردت الجامعة الأقساط منحة لها فهل للأب أن يأخذها؟

السؤال

أنا طالبة متفوقة في الجامعة وقد أعطتني الجامعة منحة تفوق فطلب أبي مني أن أدفعها كقسط للجامعة ثم تراجع عن طلبه ولم يعد لذكر مال المنحة كما كفلني ، ثم تبين لي أن مال المنحة هو عبارة عن رسوم مستعادة أي أن المال الذي دفعناه كرسوم أعادته الجامعة لنا ، ورأيت أن من الأمانة أن أخبر أبي فعندما أخبرته قال : إن المال من حقه ، ولكني أظن المال من حقي ، لأن الجامعة أعادت المال بسبب تفوقي كما أن بيني وبين الجامعة عقداً هو أنه مقابل كل سنة يعيدون رسومها أعمل أنا مقابلها سنة في الجامعة أو الحكومة في أي وظيفة يختارونها وفي أي مكان ، وإذا لم أقبل ألزم بإعادة المال بالتالي أنا تعبت في الدراسة للحصول على مال المنحة ، كما أنني أقدم للجامعة التزاما مقابل المال ، أنا نويت إعطاء أبي المال ولكن أريد أن أعرف هل هذا المال هو حقي أم حقه ؟ ملاحظة أبي غير محتاج فأملاكه تقدر بمليون دينار ، وأنا ليس لي غير مال المنحة وقد أردته لأكمل به دراساتي العليا التي قال أبي إنه لن يضمن لي إكمالها.

الجواب

الحمد لله.


إذا كان الأمر كما ذكرت ، من أن والدك تكفل بدفع أقساط الجامعة وعدل عن مطالبتك بدفعها من المنحة التي ستعطى لك ، ثم تبين أن المنحة هي إعادة رسوم الجامعة ، فهذه المنحة حق لك ، وما دفعه الأب سابقا : قد تبرع به دون نية الرجوع عليك أو مطالبتك به . إضافة إلى ما ذكرت من كون المنحة في مقابل العمل مستقبلا .
لكن ننبه على أن للأب أن يأخذ من مال ولده – ذكرا أو أنثى- ما يحتاج إليه ولا يضر الولد ؛ لحديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أَنَّ رَجُلا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ لِي مَالا وَوَلَدًا، وَإِنَّ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِي ، فَقَالَ : (أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ) رواه ابن ماجه (2291) وابن حبان في صحيحه (2 / 142) من حديث جابر ، وأحمد (6902) من حديث عبد الله بن عمرو . وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
وروى أحمد عن عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ : أَتَى أَعْرَابِيٌّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : إِنَّ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِي ، قَالَ : (أَنْتَ وَمَالُكَ لِوَالِدِكَ، إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ ، وَإِنَّ أَمْوَالَ أَوْلَادِكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ ، فَكُلُوهُ هَنِيئًا) .
وله طرق وشواهد يصح بها .
انظر : " فتح الباري " ( 5 / 211 ) ، و " نصب الراية " ( 3 / 337 ) .
ولكن هذا الأخذ مقيد بشروط بيَّنها أهل العلم :
أحدهما : أن لا يجحف بالابن , ولا يضر به , ولا يأخذ شيئا تعلقت به حاجته .
الثاني : أن لا يأخذ من مال ولده فيعطيه ولده الآخر .
الثالث : أن يكون الأب محتاجا للمال ، فلا يجوز له أن يأخذ ما لا يحتاجه عند جمهور الفقهاء خلافا للحنابلة ؛ لما روى الحاكم ( 2 / 284 ) والبيهقي ( 7 / 480 ) عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن أولادكم هبة الله لكم (يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور) فهم وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها ) . والحديث صححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 2564 ).
قال ابن قدامة رحمه الله : " ولأبٍ أن يأخذ من مال ولده ما شاء , ويتملكه , مع حاجة الأب إلى ما يأخذه , ومع عدمها , صغيرا كان الولد أو كبيرا , بشرطين :
أحدهما : أن لا يجحف بالابن , ولا يضر به , ولا يأخذ شيئا تعلقت به حاجته .
الثاني : أن لا يأخذ من مال ولده فيعطيه الآخر ....
وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي : ليس له أن يأخذ من مال ولده إلا بقدر حاجته ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام , كحرمة يومكم هذا , في شهركم هذا ) متفق عليه . وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفسه ) رواه الدارقطني ؛ ولأن ملك الابن تام على مال نفسه , فلم يجز انتزاعه منه , كالذي تعلقت به حاجته " انتهى من "المغني" باختصار (5/395).
وقد ذكرت أن والدك غير محتاج ، وعلى هذا فلا يجوز له أن يأخذ من مالك شيئاً إلا برضاك.
ونشكر لك عزمك على إعطاء المال لوالدك ، فإن هذا من البر والإحسان إليه ، ونسأل الله تعالى أن يعوضك خيراً .
والله أعلم .
 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب